تفسير سورة المعارج

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 3 شهر رمضان 1437هـ | عدد الزيارات: 3211 القسم: تفسير القرآن الكريم -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد

سورة المعارج مكية وآياتها 44

بسم الله الرحمن الرحيم

سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)

دعا داع من المشركين على نفسه وقومه بنزول العذاب عليهم وهو واقع بهم يوم القيامة لا محالة

مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ أي: ذو الدرجات، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ : قرأ الكسائي « يعرج » بالياء، وهي قراءة ابن مسعود، (وَالرُّوحُ) يعني جبريل عليه السلام إِلَيْهِ أي إلى الله عز وجل، وهو يوم القيامة

لما روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال:هو يوم القيامة يكون على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة

وعن أبي سعيد الخدري قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة: فما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا 5 إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا 6 وَنَرَاهُ قَرِيبًا 7 يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ 8 وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ 9

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا : يا محمد على تكذيبهم لدعوتك صبراً جميلاً لا تضجر فيه ولا ملل بل استمر على أمر الله وادعو عباده إلى توحيده ولا يمنعك عنهم ما ترى من عدم انقيادهم وعدم رغبتهم فإن في الصبر على ذلك خيراً كثيرا، صبرا جميلا على استعجالهم العذاب استبعادا لوقوعه وهذا قبل أن يؤمر بالقتال، (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا) الضمير يعود إلى البعث الذي فيه عذاب السائلين بالعذاب، أي وقوع العذاب وقيام الساعة يراه الكفرة بعيد الوقوع بمعنى مستحيل الوقوع، (وَنَرَاهُ قَرِيبًا) لأن ما هو آت قريب ثم ذكر أحوال ذلك اليوم وما فيه فقال (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ) وهو الرصاص المذاب من تشققها وبلوغ الهول منها كل مبلغ (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ) وهو الصوف المنفوش هذا قول مقاتل، ثم تكون بعد ذلك هباء منثورا فتضمحل، فإذا كان هذا الانزعاج والقلق لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار أليس حقيقاً أن ينخلع قلبه ولبه ويذهل عن كل أحد، ولهذا قال تعالى (وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا) وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا قرأ البِزي عن ابن كثير « لا يُسأل » بضم الياء أي: لا يُسأل حميم عن حميم، أي لا يقال له: أين حميمك؟ وقرأ الآخرون بفتح الياء، أي: لا يَسأل قريب قريبًا لشغله بشأن نفسه

يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ 11 وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ 12 وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ 13 وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ 14 كَلا إِنَّهَا لَظَى 15 نَزَّاعَةً لِلشَّوَى 16

قوله (يُبَصَّرُونَهُمْ) أي يشاهد الحميم وهو القريب حميمه فلا يبقى في قلبه متسع لسؤاله عن حاله ولا يهمه إلا نفسه، قال ابن عباس يعرف بعضهم بعضا، ويتعارفون بينهم ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك، (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ) يتمنى المشرك الذي حق عليه العذاب (لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ)، (وَصَاحِبَتِهِ) زوجته (وَأَخِيهِ)، (وَفَصِيلَتِهِ) أقرباؤه الأقربون (الَّتِي تُؤْوِيهِ) أي التي تضمه ويأوي إليها (وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ) ذلك الفداء من عذاب ربك كَلا لا ينجيه من عذاب الله شيء ثم ابتدأ فقال (إِنَّهَا لَظَى) سميت بذلك لأنها تتلظى أي: تتلهب نـزاعَةً لِلشَّوَى قرأ حفص عن عاصم « نـزاعة » نصب على الحال والقطع، وقرأ الآخرون بالرفع أي هي نـزاعةُ للشوى، أي النار التي تتلظى تنزع من شدتها الأعضاء .

تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى 17 وَجَمَعَ فَأَوْعَى 18 إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا 19 إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا 20 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا 21

تَدْعُو أي: النار إلى نفسها (مَنْ أَدْبَرَ) عن الإيمان (وَتَوَلَّى) عن الحق، (وَجَمَعَ) أي: جمع المال (فَأَوْعَى) أمسكه في الوعاء ولم يُؤدِ حق الله منه فالنار تدعو هؤلاء إلى نفسها وتستعد للإلتهاب بهم، يقول تعالى مخبرا عن الإنسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) قال عطية عن ابن عباس: تفسيره ما بعده وهو قوله: إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا : أي: إذا أصابه الفقر لم يصبر، وإذا أصاب المال لم ينفق قال ابن كيسان: خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويهرب مما يكره، ثم استثنى فقال (إِلا الْمُصَلِّينَ) الموصوفين بتلك الأوصاف فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله وأنفقوا مما خولهم وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا فالإنسان من حيث هو متصف بصفات الذم إلا من عصمه الله ووفقه وهداه إلى الخير ويسر له أسبابه وهم المصلون (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ) أي مداومون عليها في أوقاتها وليسوا كمن لا يفعلها أو يفعلها وقت دون وقت أو يفعلها على وجه ناقص، بل هم الذين إذا عملوا عملاً داوموا عليه واثبتوه كما جاء في الصحيحين عن عائشة ، رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) .

وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ

قوله (والذين في أموالهم حق معلوم) من زكاة وصدقة (للسائل) الذي يتعرض للسؤال (والمحروم) وهو المسكين الذي لا يسأل الناس ويعطوه ولا يفطن له فيتصدق عليه (والذين يصدقون بيوم الدين) أي يوقنون بالميعاد والحساب والجزاء فهم يعملون عمل من يرجو الثواب ويخاف العقاب ولهذا قال (والذين هم من عذاب ربهم مشفقون) أي خائفون وجلون فيتركون لذلك كل ما يقربهم من عذاب الله (إن عذاب ربهم غير مأمون) أي لا يأمنه أحد ممن عقل عن الله أمره إلا بأمان من الله تبارك وتعالى، وقوله (والذين هم لفروجهم حافظون) لا يطأون بها وطئا محرما من زناً أو لواط أو وَطء في دبر أو حيض أو نفاس أو استمناء فيكفونها عن الحرام ويمنعونها أن توضع في غير ما أذن فيه ويحفظونها أيضاً من النظر إليها ومسها ممن لا يجوز له ذلك ويتركون أيضاً وسائل المحرمات الداعية لفعل الفاشحة، (إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) أي من الإماء، (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) في وَطئهن في المحل الذي هو محل الحرث، (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ) أي غير الزوجة وملك اليمين (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المتجاوزون ما أحل الله إلى ما حرمه ودلت هذه الآية على تحريم نكاح المتعة لكونها غير زوجة مقصودة ولا ملك يمين، وقوله (وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) أي إذا اؤتمنوا لم يخونوا وإذا عاهدوا لم يغدروا وهذه صفات المؤمنين وضدها صفات المنافقين كما ورد في الصحيحين (آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان) ، وهذه الصفات ليست شاملة لجميع الأمانات التي بين العبد وربه كالتكاليف الشرعية مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج والأمانات التي بين العبد والخلق، وكذلك العهد شامل للعهد الذي عاهد عليه الله والعهد الذي عاهد الخلق عليه، (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) بشهاداتهم على التوحيد (قَائِمُونَ) أي يقومون فيها بالحق ولا يغيرونها فلا يشهدون إلا بما يعلمونه من غير زيادة ولا نقص محافظون عليها من غير كتمان لها ، ولا يحابي فيها قريباً لقرابته ولا صديقا لصداقته، بل يقصد بإقامتها وجه الله .

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ 34 أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ 35 فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ 36 عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ 37 أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ 38 كَلا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ 39

قوله (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) بالمداومة عليها على أكمل الوجوه ، (أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ) (أولئك) أي الموصوفون بتلك الصفات (في جنات مكرمون) أي مكرمون بأنواع الملاذ، قد أوصل الله لهم من الكرامة والنعيم المقيم ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون، وحاصل هذا أن الله وصف أهل السعادة والخير بهذه الأوصاف الكاملة والأخلاق المرضية الفاضلة من العبادات البدنية كالصلاة والمداومة عليها والأعمال القلبية كخشية الله الداعية لكل خير والعبادات المالية والعقائد النافعة والأخلاق الفاضلة ومعاملة الله ومعاملة خلقه أحسن معاملة من إنصافهم وحفظ حقوقهم وأماناتهم والعفة التامة لحفظ الفروج عما حرمه الله تعالى .

فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا أي: فما بال الذين كفروا، قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ : مسرعين مقبلين إليك ماديّ أعناقهم ومديمي النظر إليك متطلعين نحوك .

نزلت في جماعة من الكفار كانوا يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون كلامه ويكذبونه، فقال الله تعالى: ما لهم ينظرون إليك ويجلسون عندك وهم لا ينتفعون بما يستمعون ، عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ : حلقًا وفرقًا، فعن جابر بن سَمُرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهم حلق فقال ما لي أراكم عزين) رواه مسلم (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) قال ابن عباس: معناه أيطمع كل رجل منهم أن يدخل جنَّتي كما يدخلها المسلمون ويتنعم فيها وقد كذَّب نبيي؟ كَلا : لا يدخلونها ثم ابتدأ فقال: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ أي: من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة، نبه الناس على أنهم خلقوا من أصل واحد وإنما يتفاضلون ويستوجبون الجنة بالإيمان والطاعة .

فعن بُسْرِ بن جحاش القرشي قال: "بزقَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في كفِّه، ثمَّ وضعَ أصبعَهُ السَّبَّابةَ وقال: " يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أنَّى تُعجِزُني ابنَ آدمَ وقد خلقتُكَ من مثلِ هذِهِ، فإذا بلغت نفسُكَ هذِهِ وأشارَ إلى حلقِهِ قلتَ: أتصدَّقُ، وأنَّى أوانُ الصَّدقةِ " رواه ابن ماجه وصححه الألباني

فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ 40 عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ 41 فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ 42 يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ 43 خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ 44

قوله (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) هذا إقسام منه تعالى بالمشارق والمغارب للشمس والقمر والكواكب لما فيها من الآيات الباهرات على البعث والنشور وليس الأمر كما تزعمون ألا معاد ولا حساب ولا بعث ولا نشور بل كل ذلك واقع وكائن لا محالة ولهذا أتى بـ (لا) في ابتداء القسم ليدل على أن المقسم عليه نفي وهو مضمون الكلام وهو الرد على زعمه الفاسد في نفي يوم القيامة (إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ) أي أمة تطيعنا ولا تعصينا (وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) أي بعاجزين (فَذَرْهُمْ) يا محمد (يَخُوضُوا) في باطلهم (وَيَلْعَبُوا) في دنياهم (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) أي فسيعلمون غِبَ ذلك ويذوقون وباله إذ أن الله قد أعد لهم من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم ثم ذكر حال الخلق حين يلاقون اليوم الذي يوعدون وذلك بعد النفخة الثانية إذ يخرج الناس من قبورهم فقال تعالى (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ) من القبور (سِرَاعًا) إلى إجابة الداعي كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ قرأ ابن عامر وابن عباس وحفص: « نُصُبٍ » بضم النون والصاد، وقرأ الجمهور بفتح النون وسكون الصاد وهو مصدر بمعنى المنصوب، يقال: فلان نَصْبَ عيني، وقال الكلبي: إلى عَلَمٍ وراية ومن قرأ بالضم، قال مقاتل والكسائي: يعني إلى أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ، قال الحسن: يسرعون إليها أيهم يستلمها أولا (يُوفِضُونَ) يسرعون (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ) ذليلة خاضع، (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أي في مقابلة ما استكبروا في الدنيا عن الطاعة، (ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) يعني يوم القيامة .

تم تفسير سورة المعارج ولله الحمد والمنة

3 - 9 - 1437هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر