تفسير سورة القلم

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 20 شهر رمضان 1437هـ | عدد الزيارات: 1882 القسم: تفسير القرآن الكريم -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد

سورة القلم مكية وآياتها 52 آية

بسم الله الرحمن الرحيم

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ 1

قوله :(ن) بالسكون على الوقف ، وهذا الحرف وغيره من الحروف المقطعة من أوائل السور فيها إشارة إلى اعجاز القرآن فقد وقع به تحد المشركين فعجزوا عن معارضته وهو مركب من هذه الحروف التي تتكون منها لغة العرب فدل عجز العرب على الاتيان بمثله - مع أنهم أفصح الناس -على أن القرآن هو كلام الله .

أقسم الله بالقلم الذي يكتب به الملائكة والناس، وهو اسم جنس شامل للأقلام التي تكتب بها أنواع العلوم ويسطر بها المنثور والمنظوم فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم ولهذا قال (وَمَا يَسْطُرُونَ) وذلك أن القلم وما يسطر به من أنواع الكلام من آياته العظيمة التي تستحق أن يقسم بها

مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ 2 وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ 3 وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 4

قوله (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) هو جواب القسم والباء متعلقة بمضمر هو حال من الضمير في خبرها والعامل فيها معنى النفي كأنه قيل أنت برئ من الجنون ملتبسا بنعمة الله التي هي النبوة والرياسة العامة والتعرض لوصف الربوبية المنبئة من التبليغ إلى معارج الكمال مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم لتشريفه صلى الله عليه وسلم والإيذان بأنه يتم نعمته عليه ويبلغه من العلو إلى غاية لا غاية وراءها والمراد تنزيهه صلى الله عليه وسلم عما كانوا ينسبونه إليه من الجنون حسداً وعداوة ومكابرة مع جزمهم بأنه صلى الله عليه وسلم في غاية الغايات القاصية ونهاية النهايات النائية من حصانة العقل، (وَإِنَّ لَكَ لأجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ) أي: منقوص ولا مقطوع بصبرك على افترائهم عليك، بل لك الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي لا ينقطع ولا يبيد على إبلاغك رسالة ربك إلى الخلق وصبرك على أذاهم، (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن ، صححه الألباني .

وهو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله، والمعنى إنك على الخلق الذي أمرك الله به في القرآن، وقد سمى الله خلقه عظيمًا لأنه امتثل تأديب الله إياه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله بعثني لأتمم مكارم الأخلاق، " صححه الألباني

وعن أنس بن مالك أيضاً قال: إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" ما رأيتُ رجلًا التَقَمَ أُذُنَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فيُنَحِّي رأسَه ، حتى يكونَ الرجلُ هو الذي يُنَحِّي رأسَه ، وما رأيتُ رجلًا أخَذَ بيدِه فتَرَكَ يدَه ، حتى يكونَ الرجلُ هو الذي يَدَعُ يدَه ".رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني.

وعن عائشة قالت:" ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " رواه مسلم

وعن أنس قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثَّرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء " رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ 5 بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ 6

قوله عز وجل (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) فسترى يا محمد ويرون - يعني أهل مكة - إذا نـزل بهم العذاب، (بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ) معناه: بأيكم الضال ، فـ المفتون مفعول بمعنى المصدر، وقد تبين أنه أهدى الناس وأكملهم لنفسه ولغيره وأن أعداءه أضل الناس وأشر الناس للناس وأنهم الذين فتنوا عباد الله وأضلوهم عن سبيله وكفى بعلم الله بذلك فإنه المحاسب المجازي .

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)

قوله (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) أي هو يعلم تعالى أي الطريقين منكم ومنهم المهتدي ويعلم الحزب الضال عن الحق وهذا فيه تهديد للضالين ووعد للمهتدين وبيان لحكمة الله حيث كان يهدي من يصلح للهداية دون غيره، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) يعني مشركي مكة فإنهم كانوا يدعونه إلى دين آبائه فنهاه أن يطيعهم لأنهم كذبوه وعاندوا الحق فإنهم ليسوا أهلاً لأن يطاعوا، ولأنهم لا يأمرون إلا بما يوافق أهواءهم وهم لا يريدون إلا الباطل فالمطيع لهم مقدم على ما يضره وهذا عام بكل مكذب وفي كل طاعة ناشئة عن التكذيب، وإن كان السياق في شيء خاص وهو أن المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسكت عن عيب آلهتهم ودينهم ويسكتوا عنه ولهذا قال (وَدُّوا) أي المشركون، (لَوْ تُدْهِنُ) أي تلين لهم وتوافقهم على بعض ما هم عليه إما بالقول أو الفعل أو بالسكوت عما يتبين الكلام فيه، (فَيُدْهِنُونَ) أي يلينون لك، (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ) كثير الحَلِف بالباطل، (مَهِينٍ) ضعيف حقير وهو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز ،لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه ليس له رغبة في الخير بل إرادته في شهوات نفسه الخسيسة، (هَمَّازٍ) مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة والاستهزاء فهو عياب طعان، (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) قتَّات يسعى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم فهو يحرش بينهم وينقل الحديث من قوم إلى قوم لفساد ذات البين وهي الحالقة وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس قال (مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحَائِطٍ مِن حِيطَانِ المَدِينَةِ، أوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ في قُبُورِهِمَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ ثُمَّ قالَ: بَلَى، كانَ أحَدُهُما لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، وكانَ الآخَرُ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ. ثُمَّ دَعَا بجَرِيدَةٍ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ علَى كُلِّ قَبْرٍ منهما كِسْرَةً، فقِيلَ له: يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هذا؟ قالَ: لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عنْهما ما لَمْ تَيْبَسَا أوْ: إلى أنْ يَيْبَسَا.) وعن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يدخل الجنة قتات) متفق عليه (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) أي يمنع الذي يلزمه القيام به من النفقات الواجبة والكفارات والزكوات وغير ذلك وما لديه من الخير (مُعْتَدٍ) في متناول ما أحل الله له يتجاوز فيها الحد المشروع، (أَثِيمٍ) أي كثير الأثم والذنوب، (عُتُلٍّ) العتل: الغليظ الجافي، وأصله من العتل وهو الدفع بالعنف، فعن حارثة بن وهب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أنبئكم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر) متفق عليه، (بَعْدِ ذَلِكَ) أي مع ذلك، يريد مع ما وصفناه به (زَنِيمٍ) الزنيم هو المشهور بالشر الذي يعرف به من بين الناس، أخلاقه أقبح الأخلاق لا يرجى منه فلاح له زنمة أي علامة في الشر يعرف بها .

أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ 14 إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ 15

يقول تعالى هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين كفر بآيات الله وأعرض عنها وزعم أنها كذب مأخوذ من أساطير الأولين .

سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ 16

ثم توعد الله تعالى من جرى منه ما وصف الله بأن يبين أمره بياناً واضحاً حتى يعرفوه ولا يخفى عليهم كما لا تخفى السمة على الخراطيم .

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ 17

هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدي إليهم من الرحمة العظيمة وأعطاهم من النعم الجسيمة وهو بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة ولهذا قال تعالى (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ) اختبرناهم قال ابن عباس: في قوله عز وجل: إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة قال: كان بستان باليمن يقال له الضّروان دون صنعاء بفرسخين، يطؤه أهل الطريق، كان غرسه قوم من أهل الصلاة، وكان لرجل فمات فورثه ثلاثة بنين له، وكان يكون للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل فلم يجزه وإذا طُرح من فوق النخل إلى البساط فكل شيء يسقط على البساط فهو أيضا للمساكين، وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين وإذا داسوه كان لهم كل شيء ينتثر أيضا فلما مات الأب وورثه هؤلاء الإخوة عن أبيهم فقالوا: والله إن المال لقليل، وإن العيال لكثير وإنما كان هذا الأمر يفعل إذ كان المال كثيرًا والعيال قليلا فأما إذا قلَّ المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل هذا فتحالفوا بينهم يومًا ليغدون غدوة قبل خروج الناس فليصرِمُنَّ نخلهم ولم يستثنوا لم يقولوا إن شاء الله فغدا القوم بسدفة من الليل إلى جنتهم ليصرموها قبل أن يخرج المساكين، فرأوها مسودة وقد طاف عليها من الليل طائف من العذاب فأحرقها فأصبحت كالصريم فذلك قوله عز وجل (إِذْ أَقْسَمُوا) حلفوا (لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) ليَجُذُّنُها وليقطعن ثمرها إذا أصبحوا قبل أن يعلم المساكينُ .

وَلا يَسْتَثْنُونَ 18 فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ 19 فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ 20 فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ 21 أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ 22

قوله (وَلا يَسْتَثْنُونَ) أي فيما حلفوا به فلا يقولون إن شاء الله ولهذا حنثهم الله في أيمانهم فقال (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ) عذاب (مِنْ رَبِّكَ) ليلا ولا يكون الطائف إلا بالليل، وكان ذلك الطائف آفة سماوية (وَهُمْ نَائِمُونَ)، (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) أصل الصريم المصروم، مثل الزرع إذا حصد أي هشيماً يبسا، (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ) نادى بعضهم بعضا لما أصبحوا، (أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ) يعني الثمار والزروع والأعناب (إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ) أي تريدون الصرام .

فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ 25 فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (28)

قوله (فَانْطَلَقُوا) مشوا إليها (وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) يتسارون، يقول بعضهم لبعض سرًا (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ) الحرد في اللغة يكون بمعنى القصد، قال القرظي ومجاهد وعكرمة: على أمر مجتمع عليه قد أسسوه بينهم وهذا على معنى القصد لأن القاصد إلى الشيء جاد مجمع على الأمر، (قَادِرِينَ ) أي عليها فيما يزعمون ويرومون(فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ) أي فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها وهي على الحالة التي قال الله عز وجل (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) وقد استحالت عن تلك النضارة والزهرة وكثرة الثمار إلى أن صارت سوداء مدلهمة لا ينتفع بشيء منها فاعتقدوا أنهم قد أخطئوا الطريق ولهذا قالوا (إِنَّا لَضَالُّونَ)أي: إنا لمخطئون الطريق، أضللنا مكان جنتنا ليست هذه بجنتنا ثم رجعوا عما كانوا فيه وتيقنوا أنها هي فقالوا(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) حرمنا خيرها ونفعها بمنعنا المساكين وتركنا الاستثناء، (قَالَ أَوْسَطُهُمْ) أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) لولا تذكرون الله تعالى وتتوبون إليه من خبث نيتكم وقد كان قال لهم حين عزموا على ذلك اذكروا الله وتوبوا إليه من هذه العزيمة الخبيثة من فوركم وسارعوا إلى حسم شرها قبل حلول النِقمة فعصوه .

قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ 29 فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ 30 قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ 31 عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ 32 كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ 33 إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ 34 أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ 35 مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 36 أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ 37 إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ 38

قوله (قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا) نزهوه أن يكون ظالماً فيما فعل وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا (إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) بمنع المساكين فاستدركوا بعد ذلك، ولكن بعد ما وقع على جنتهم العذاب الذي لا يرفع، ولكن لعل تسبيحهم هذا وإقرارهم على أنفسهم بالظلم ينفعهم ويكون توبة ولهذا ندموا ندامة عظيمة (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) يلوم بعضهم بعضًا في منع المساكين من حق الجذاذ، فما كان جواب بعضهم لبعض إلا الاعتراف بالخطيئة و الذنب (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ) في منعنا حق الفقراء وقال ابن كيسان: طَغينا نِعَمَ الله فلم نشكرها ولم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل، ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) قال عبد الله بن مسعود: بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودًا واحدًا .

قال الله تعالى (كَذَلِكَ الْعَذَابُ) جملة من مبتدأ وخبر مقدم لافادة القصر والألف واللام للعهد، أي: مثل الذي فعلنا بهم نفعل بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدل نعمة الله كفرا (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) أي هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم وعذاب الآخرة أشق .

لما ذكر تعالى حال أهل الجنة الدنيوية وما أصابهم فيها من النقمة حين عصوا الله عز وجل وخالفوا أمره بين أن لمن اتقاه وأطاعه في الآخرة جنات النعيم التي لا تبيد ولا تفرغ ولا ينقضي نعيمها قال تعالى (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)، (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) أي من الكفر والمعاصي (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي في الآخرة (جَنَّاتِ النَّعِيمِ) جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص عن شائبة المنغصات وخوف الزوال كما عليه نعيم الدنيا وقوله تعالى (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) تقرير لما قبله من فوز المتقين بجنات النعيم ورد لما يقوله الكفرة عند سماعهم بحديث الآخرة وما وعد الله المسلمين فيها فإنهم كانوا يقولون إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد ومن معه لم يكن حالنا وحالهم إلا مثل ما هي في الدنيا وإلا لم يزيدوا علينا ولم يفضلونا وأقصى أمرهم أن يساوونا والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر يقتضي المقام أي أنحيف في الحكم فنجعل المسلمين كالكافرين، ثم قيل لهم بطريق الإلتفات لتأكيد الرد وتشديده (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) تعجباً من حكمهم واستبعاداً له وإيذاناً بأنه لا يصدر عن عاقل (أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ) نازل من السماء (فِيهِ تَدْرُسُونَ) أي تقرؤنه وتحفظونه وتتداولونه بنقل الخلف عن السلف متضمن حكم مؤكداً كما تدعونه، (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ) أي ما تتخيرونه وتشتهونه .

أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ 39 سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ 40 أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ 41 يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ 42

قوله (أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ) أي أمعكم عهود ومواثيق (عَلَيْنَا بَالِغَةٌ) مؤكدة عاهدناكم عليها فاستوثقتم بها منا فلا ينقطع عهدكم (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ) في ذلك العهد (لَمَا تَحْكُمُونَ) لأنفسكم من الخير والكرامة عند الله وكسر إن في الآيتين لدخول اللام في خبرهما.

ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ) أي قل لهم من هو الكفيل لهم بأن لهم في الآخرة ما للمسلمين؟، (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ) أي أعندهم شركاء لله أرباب تفعل هذا (فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) ومن المعلوم أن جميع ذلك منتف فليس لهم كتاب ولا لهم عهد عند الله في النجاة ولا لهم شركاء يعينونهم فعلم أن دعواهم باطلة فاسدة .

لما ذكر تعالى أن للمتقين عند ربهم جنات النعيم بين متى ذلك كائن وواقع فقال (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)، ( يَوْمَ) ظرف لقوله فليأتوا بشركائهم، أي: فليأتوا بهم في ذلك اليوم لتنفعهم وتشفع لهم ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) يوم القيامة يشتد الأمر ويصعب هوله ويأتي الله تعالى لفصل القضاء بين الخلائق فيكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء .

روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يَكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعةً، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا

قوله عز وجل (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) توبيخاً وتعنيفاً على تركهم إياه في الدنيا وتحسيراً لهم على تفريطهم بذلك فلا يستطعون لزوال القدرة عندهم إذ أن الكفار والمنافقين تصير أصلابهم كصياصي البقر، فلا يستطيعون السجود وهذا الجزاء من جنس عملهم فإنهم كانوا يدعون في الدنيا إلى السجود لله وتوحيده وعبادته وهم سالمون لا علة فيهم فيستكبرون عن ذلك ويأبون .

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ 43

قوله (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ) أي في الدار الآخرة بإجرامهم وتكبرهم في الدنيا فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) يغشاهم ذل الندامة والحسرة (وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) إلى الصلاة والعبادة (وَهُمْ سَالِمُونَ) أصحاء فلا يأتونه تعظماً واستكباراً .

فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ 44 وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ 45 أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ 46 أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ 47 فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ 48 لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ 49 فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ 50

قوله (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ) أي فدعني والمكذبين بالقرآن وخل بيني وبينهم وهذا تهديد شديد أي دعني وإياهم فأنا أعلم بهم كيف استدرجهم قال الزجاج: معناه لا تشغل قلبك بهم كِلْهُم إليَّ فإني أكفيكهم .

قوله تعالى (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) فنمدهم بالأموال والأولاد والأرزاق والأعمال ليغتروا ويستمروا على ما يضرهم وهم لا يشعرون بل يعتقدون أن ذلك من الله كرامة وهو في نفس الأمر إهانة ، إنه استدراج وهو الإنعام عليهم بل يزعمون أنه إيثار لهم وتفضيل على المؤمنين مع أنه سبب لهلاكهم (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيدِي مَتِينٌ) أي وأؤخرهم وأنظرهم وأمدهم وذلك من كيد ومكري بهم ولهذا قال تعالى (إِنَّ كَيدِي مَتِينٌ) أي عظيم لمن خالف أمري وكذب رسلي واجترى على معصيتي وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) ثم قرأ (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمه إن أخذه أليم شديد) هود: 102، (أَمْ تَسأَلُهُمْ أَجرًا فَهُمْ مِنْ مَّغْرَمٍ مُّثقَلُونَ) أي ليس لنفورهم عنك وعدم تصديقهم لك يا محمد سبب يوجب لهم ذلك فإنك تعلمهم وتدعوهم إلى الله لمحض مصلحتهم من غير أن تصيبهم من أموالهم مغرماً يثقل عليهم، (أَمْ عِندَهُمُ الغَيبُ فَهُمْ يَكتُبُونَ) ما كان عندهم من الغيوب أنهم على الحق وأن لهم الثواب عند الله فهذا أمر ما كان وإنما كانت حالهم حال معاند ظالم يكذبون بما جئتهم به بمجرد الجهل والكفر والعناد فلم يبق إلا الصبر لأذاهم والتحمل لما يصدر منهم والإستمرار على دعوتهم ولهذا قال (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) أي لما حكم به شرعاً وقدراً فالحكم القدري يصبر على المؤذى منه ولا يتلقى بالسخط والجزع والحكم الشرعي يقابل بالقبول والتسليم والانقياد لأمره (وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ) يعني ذا النون وهو يونس بن متى عليه السلام أي ولا تشابهه في الحال التي أوصلته وأوجبت له الانحباس في بطن الحوت وهو عدم صبره على قومه الصبر المطلوب منه وذهابه مغاضباً على قومه حتى ركب البحر فاقترع أهل السفينة حين ثقلت بأهلها أيهم يلقون لكي تخف بهم فوقعت القُرعة عليه فالتقمه الحوت وشرد به في البحار (إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) أي مغموم وهو في بطنها ، فعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى) رواه البخاري (لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ) أدركته (نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) حين رحمه وتاب عليه (لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ) لطرح بالفضاء وهي الأرض المهلكة الخالية من الأشجار (وَهُوَ مَذْمُومٌ) وهو آت بما يلام عليه ولكن الله تغمده برحمته فنبذ وهو ممدوح وصارت حاله أحسن من حال الأولى ولهذا قال (فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ) عطف على مقدر أي فتدراكته نعمة ربه فاجتباه بأن رد إليه الوحي وأرسله إلى مئة ألف أو يزيدون فاصطفاه ونقاه من كل كدر (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي الذين صلحت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم وأحوالهم الكاملين في الصلاح بأن عصمه من أن يفعل فعلاً يكون تركه أولى .

فامتثل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمر الله فصبر لحكم ربه صبراً لا يدركه أحد من العالمين فجعل الله له العاقبة والعاقبة للمتقين ولم يبلغ أعداؤه فيه إلا ما يسوؤهم، حتى إنهم حرصوا على أن يزلقوه بأبصارهم أي يصيبوه بأعينهم من حسدهم وحنقهم وغيظهم .

وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ 51 وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ 52

قوله (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ) في هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة منها ما روى مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا)، وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه يُعوُّذ الحسن والحسين يقول ( أُعِيذُكما بكلماتِ اللهِ التامةِ ، مِن كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، وِمن كلِّ عينٍ لامَّةٍ . ثم يقولُ : كان أبوكم يُعَوِّذُ بهما إسماعيلَ وإسحاقَ.) رواه أبو داود وصححه الألباني ، وعن عائشة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرها أن تسترقي من العين) رواه ومسلم

قال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثًا ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول: لم أر كاليوم إبلا ولا غنمًا أحسن من هذه، فما تذهب إلا قليلا حتى تسقط منها طائفة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك، فعصم الله نبيه وأنـزل (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ) أي ويكاد ودخلت اللام في ليزلقونك لمكان (إنْ) .

قال السدي: يصيبونك بعيونهم

قوله (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ) وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية فيحدون إليه النظر بالبغضاء (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) أي ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن فقال الله تعالى (وَمَا هُوَ) يعني القرآن (إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) وما القرآن إلا موعظة وتذكير للعالمين من الإنس والجن .

تم تفسير سورة القلم ولله الحمد والمنة .

20 - 9 - 1437هـ

(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّر * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ قال الله تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) المدثر:11 - 26

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر