الدرس الرابع والسبعون: الزكاة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 17 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 1865 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

يسن صرف الزكاة في أقاربه الذين لا تلزمه مؤونتهم مثل أخيه وعمه وخاله وابن أخيه وما أشبه ذلك فإذا كانوا من أهل الزكاة فإن السنة والأفضل أن تصرف زكاتك فيهم لحديث سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: إذا أفطر أحدكم فليفطر عل تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهور وقال الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة . أخرجه أحمد وقال الترمذي حسن صحيح وصححه الحاكم على شرط البخاري ووافقه الذهبي وإذا لزمه الإنفاق على أقاربه ودفع الزكاة إليهم فإنها لا تجزئه لأنه يدفع عن ماله ضرراً

لأنه إذا أعطاهم زكاته واغتنوا بها سقطت عنه نفقتهم فصار ببذله الزكاة مسقطاً لواجب عليه

مثال الزكاة: هؤلاء إخوتي وأنا رجل غني وتلزمني نفقتهم حسب الشروط التي قرأناها في النفقات وعندي زكاة إذا أعطيتهم إياها كفتهم لمدة سنة أو أقل أو أكثر فلا يجوز أن أعطيهم إياها لأنهم إذا اغتنو بها سقط الواجب عني فأسقطت بها واجباً علي

مثال الكفارة علي كفارة إطعام عشرة مساكين فيجوز أن أغديهم أو أعشيهم على الصحيح وهؤلاء الفقراء نزلوا أضيافاً علي والضيف يجب إكرامه بغدائه وعشائه يومه وليلته فغديت هؤلاء ونويتها كفارة ، فلا يجزئ لأنني بهذا الإطعام أسقط واجباً علي لأنه يجب علي أن أضيفهم بغداء وعشاء وبكل ما يلزم في الضيافة

فإذا غديتهم وعشيتهم ونويته كفارة عني فقد أسقطت واجباً

مسألة: إذا كان الأب فقيراً وعند الابن زكاة فهل يجوز أن يصرفها لأبيه علما بأن الابن فقير ؟

الجواب : يجوز أن يعطيها لوالده لأنه لا يلزمه نفقته لفقر الابن حيث إنه لا يملك شيئاً وهو هنا لا يسقط واجباً والزكاة إما ستذهب إلى الوالد أو إلى غيره

فهل من الأولى عقلاً فضلاً عن الشرع أن أعطي غريباً يتمتع بزكاتي ويدفع حاجته وأبي يتضور من الجوع ؟

الجواب: لا لأنني لا أستطيع أن أنفق على والدي ففي هذه الحال تجزئ الزكاة للوالد ويفتى بذلك شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله

والقاعدة أنه لا يجوز إسقاط الواجب بالزكاة وهذه القاعدة نافعة فطبقها على الأخ والعم إذا وجبت نفقتهما لا تعطيهما من الزكاة

ولا تدفع الزكاة إلى ورثه هاشم لأنهم من آل محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد أشرف الناس نسباً ولشرفهم لا يعطون من الزكاة لا احتقاراً لهم بل إكراماً لهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس حين سأله الزكاة: إنها لا تحل لآل محمد إنما هي أوساخ الناس . أخرجه مسلم

فبين الرسول صلى الله عليه وسلم الحكم والعلة الحكم أنها لا تحل لهم

العلة أنها أوساخ الناس وهم أكمل وأشرف أن يتلقوا أوساخ الناس

فالزكاة من أي صنف كان أوساخ ذلك الصنف لأن الزكاة تطهر والطهور يتسخ بما يطهره ودليل ذلك قوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم. سورة التوبة آية 103

فإذا كان بين يديك إناء وسخ فغسلته بالماء صار الماء يحمل هذه الأوساخ

فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: إنما هي أوساخ الناس فلا تحل " وهاشم منزلته بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الجد الثاني والأب الثالث للرسول صلى الله عليه وسلم قال في الروض المربع 3/328 فدخل فيهم آل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل حارث بن عبد المطلب وآل أبي لهب

فالزكاة لا تعطى لبني هاشم إلا إذا كانوا فقراء وليس عندهم عمل فيعطون من الزكاة دفعاً لضرورتهم وهذا اختيار شيخ الإٍسلام ابن تيمية وهو الصحيح

أما صدقة التطوع فتدفع لبني هاشم لأن صدقة التطوع كمال وليست أوساخ فيعطون من صدقة التطوع قال في الروض المربع ولكل أخذ صدقة التطوع ووصية أو نذر لفقراء لا كفارة 3/331

وبهذا نعرف أن بني هاشم ينقسمون إلى قسمين

الأول: من لا تحل له صدقة التطوع ولا الزكاة الواجبة وهو شخص واحد وهو محمد بن عبد الله فهو لا يأكل الصدقة الواجبة ولا التطوع

الثاني: البقية من بني هاشم يأكلون من صدقة التطوع ولا يأكلون من الصدقة الواجبة

ويصح دفع الزكاة إلى بني المطلب لأنهم ليسوا من آل محمد صلى الله عليه وسلم ولعموم الأدلة إنما الصدقات للفقراء فيدخل فيهم بنو المطلب وبه قال الجمهور

ويجاب عن تشريكهم في الخميس بأنه مبني على المناصرة والمآزرة لبني هاشم علماً بأن المطلبيون هم المنتسبون إلى المطلب والمطلب أخو هاشم وأبوهما عبد مناف وله أربعة أولاد وهم

هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس

والنبي صلى الله عليه وسلم من هاشم لذا يكون بني المطلب أبناء عم لبني هاشم الذين ينتمي إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وأثبت نسباً لبني هاشم ملوك اليمن الأئمة الذين انتهى ملكهم بثورة الجمهوريين عليهم قريباً فهم منذ أكثر من ألف سنة متولون على اليمن ونسبهم مشهور معروف بأنهم من بني هاشم ويوجد ناس كثيرون أيضاً ينتمون إلى بني هاشم فمن قال أنا من بني هاشم قلنا لا تحل لك الزكاة لأنك من آل الرسول صلى الله عليه و سلم

والعبيد الذين اعتقهم بنو هاشم لا تدفع لهم الزكاة لحديث أبي رافع رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة . صححه الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي

والزوجة إذا كانت فقيرة وزوجها فقير فتحل لها الزكاة وتحل لزوجها أيضاً

وإذا كانت تحت غني لكنه أبخل الناس فتعطى من الزكاة لأنها فقيرة

ولا نقول لها طالبي الزوج وارفعيه إلى المحكمة لأن هذا يترتب عليه مشاكل فقد تفضى إلى أن يطلقها ويجوز أن يدفع الزكاة لأصله وفرعه ما لم يدفع بها واجباً عليه وذلك في حال عدم قدرته في الإنفاق عليهم والأصل من كان هو فرعاً له والفرع من كان هو أصلا له قاله شيخ الإٍسلام ابن تيمية في الاختيارات ص 104

ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين إن علو وإلى الولد وإن سفل إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم لوجود المقتضى السالم عن المعارض المقاوم وهو أحد القولين في مذهب أحمد وكذا إن كانوا غارمين أو مكاتبين أو أبناء سبيل وهو أحد القولين أيضاً

وإذا كانت الأم فقيرة ولها أولاد صغار لهم مال ونفقتها تضر بهم أعطيت من زكاتهم أ.هـ

فإن وجبت نفقته عليهم فلا يجوز أن يدفع لهم الزكاة فمعنى ذلك أنه أسقط النفقة عن نفسه

وعلى هذا فإذا كان له جد وأب كلاهما فقير لكن الأب يتسع ماله للإنفاق عليه فهو ينفق عليه فهنا لا يجوز أن يعطي والده الزكاة

والجد لا يتسع ماله للإنفاق عليه وهو فقير فيجوز قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على ذي القرابة صدقة وصلة

مثال آخر: لو كان غنياً ينفق على أبيه وأبوه مستغن إما بنفسه أو بإنفاق ولده لكن عليه دين يستطيع الولد أن يؤدي الدين لكن يقول أنا أؤدي الدين من زكاتي فيجوز لأنه لا يجب على الابن وفاء دين أبيه اللهم إلا إذا كان هذا الدين بسبب النفقة أي أن الأب يحتاج ويشترى في ذمته فلحقه الدين لشراء مؤونته ففي هذه الحال نقول لا تقض دين أبيك من زكاتك لأن هذا يؤدي أن يضيق الإنسان على أبيه حتى يستدين للنفقه ثم يقول أبي عليه دين فأقضي دينه من ذمتي

ويجوز أن يدفع الزوج زكاته إلى زوجته بشرط ألا يسقط به حقاً واجباً عليه فإذا أعطاها من زكاته للنفقة لتشتري ثوباً أو طعاماً فإن ذلك لا يجزئ وإن أعطاها لقضاء دين عليها فإن ذلك يجزئ لأن قضاء الدين عن زوجته لا يلزمه وإن أعطى الزكاة رجلاً يظنه غارماً فبان أنه غير غارم أو أعطاها لشخص يظنه ابن سبيل فتبين أنه غير ابن سبيل فإنها لا تجزئه لأن العبرة بما في نفس الأمر

وإن أعطاها لقريب يظن أنها تجزئه فتبين أنه لا يجزئه إعطاء هذا القريب لوجوب الإنفاق عليه

إلا لغني ظنه فقير فإنه يجزئه

مثل: رجل يسأل وعليه علامة الفقر فأعطيته من الزكاة فجاءني شخص فقال ماذا أعطيته قلت زكاة

قال هذا أغنى منك فتجزئ لأنه ليس لنا إلا الظاهر

ومثل ذلك الذين يسألون في المدارس والمساجد ثم نعطيهم بناء على الظاهر فإنه يجزئ

مسألة: إذا جاءك سائل يسأل الزكاة ورأيته جلداً قوياً فهل تعطيه أم لا ؟

الجواب عظه أولاً وقل إن شئت أعطيتك ولا حظ فيها لغنى ولا لقوي مكتسب كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الرجلين اللذين أتيا إليه يسألانه من الصدقة فرآهما جلدين وقال إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب .أخرجه أحمد وصححه الألباني رحمه الله

وبالله التوفيق

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-5 -16

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

الأهل بمعنى المستحق أي المستحقين لها وهم ثمانية أصناف وجاء هذا الحصر في القرآن قال الله تعالى:" إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل " فلا يجوز أن تصرف في غيرهم لأن الحصر يقتضي إثبات الحكم في المذكور ونفيه عمن سواه فلا يجوز صرف الزكاة في بناء المساجد ولا في بناء المدارس ولا في إصلاح الطرق ولا غير ذلك لأن الله فرضها لهؤلاء الأصناف فقال " فريضة من الله والله عليم حيكم" والفقراء هم من لا يجدون شيئاً أو يجدون بعض الكفاية ، والمساكين يجدون أكثرها أو نصفها فالفقراء يجدون أقل من النصف أو لا يجدون شيئاً والمساكين يجدون النصف ودون الكفاية فجمهور العلماء يرون أنها صنفان. انظر حاشية الدسوقي 1/492 وشرح الأزهار 1/509

كيف يمكن معرفة ذلك ؟

يعلم ذلك بالراتب الشهري فيكون ما يتقاضاه سنوياً خمسة ألاف وهو ينفق في السنة عشرة آلاف فإنه في هذه الحال مسكين لأنه يجد نصف نفقته

وإذا كان راتبه السنوي أربعة آلاف ومصروفه عشرة آلاف فهو فقير لأن دخله أقل من نصف الاحتياج فإن لم يكن عنده وظيفة أو عمل فهو فقير

وسمي الفقير فقيراً لأنه خالي اليد وأصلها القفر وهي الأرض الخالية من السكان

وليس المعتبر في الكفاية كفاية الشخص وحده بل كفايته وكفاية من يمونه والمعتبر ليس فقط ما يكفيه للأكل والشرب والسكنى والكسوة فحسب بل يشمل حتى الإعفاف أي النكاح فلو فرض أن الإنسان محتاج إلى الزواج وعنده ما يكفيه لأكله وشربه وكسوته وسكنه لكن ليس عنده ما يكفيه للمهر فإننا نعطيه ما يتزوج به ولو كان كثيراً

وعند المالكية والحنابلة يعطى الفقير والمسكين كفايتهما أو تمام الكفاية له ولمن يعول مدة سنة

وعند الشافعية يعطيان ما يخرجهما من الحاجة إلى الغنى وهو ما تحصل به الكفاية على الدوام . انظر حاشية الدسوقي والمجموع والإنصاف

وقال في مطالب أولي النهى 2/136 وعليه فيعطى محترف ثمن آلة وإن كثر وتاجر يعطى رأس مال يكفيه ويعطى غيرهما من فقير ومسكن كفايتهما مع كفاية عائلتهما سنة لتكرار الزكاة بتكرار الحول

وإذا كان رجل عنده ما يكفيه لأكله وشربه وسكنه وكسوته ولكنه طالب علم يحتاج إلى كتب تشترى له فإننا نعطيه ما يحتاج إليه فقط من الكتب

وذكر في شرح الروض مع حاشية ابن قاسم 2/310

مسألة مهمة : رجل قادر على التكسب لكن ليس عنده مال ويريد أن يتفرغ عن العمل لطلب العلم فهذا يعطى من الزكاة لأن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله هكذا قال الفقهاء هنا

لكن لو أن رجلاً يستطيع العمل ولكنه يحب العبادة يحب أن يصوم يوماً ويفطر يوماً وأن يقوم ثلث الليل وأن يتعبد بالصلاة فهذا لا نعطيه لأن العبادة نفعها قاصر على المتعبد بخلاف العلم ولهذا يقال إن موت عالم أشد على الشيطان من موت ألف عابد . انظر المجموع شرح المهذب 6/191

وذلك أنه يقال إن جنود الشيطان قالوا له لماذا تفرح بموت العالم ولا تفرح بموت العابد قال سؤريكم فأرسل إلى العابد وسأله هل يقدر الله أن يجعل السموات والأرضين في بيضة فقال العابد لا يقدر وأرسل إلى العالم وسأله نفس السؤال فقال العالم إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون

فالمساكين جمع مسكين ووصفوا بهذا الوصف لأن الفقر أسكنهم أي أذلهم والغالب أن الغني يكون له عزة وحركة بخلاف المسكين فإنه قد أسكنه الفقر فأذله فلا يتكلم ولا يرى لنفسه حظا

الثالث من أهل الزكاة العاملون عليها

ولم يقل العاملون فيها أو العاملون بها

فالعامل مشتق يتعدى بالباء ويتعدى بعلى ويتعدى بفي فمثلاً هذه دراهم عند شخص قيل له اتجر بها ولك نصف الربح فهذا عامل بها

مثال ثاني: شخص استؤجر لتنظيف البيت فهذا عامل فيه

مثال ثالث: شخص وكلناه لتأجير هذا البيت والنظر فيه وفعل ما يصلحه فهذا عامل عليه

فالعاملون عليها هم الذين تولوا عليها فالعمل هنا عمل ولاية وليس عمل مصلحة أي الذين لهم ولاية عليها ينصبهم ولي الأمر وهم الذين ترسلهم الحكومة لجمع الزكاة من أهلها وصرفها لمستحقيها

ولا يشترط أن يكونوا فقراء بل يعطون ولو كانوا أغنياء لأنهم يعملون لمصلحة الزكاة فهم يعملون للحاجة إليهم لا لحاجتهم فإذا انضم إلى ذلك أنهم فقراء ونصيبهم من العمالة لا يكفي لمؤونتهم مؤنة عيالهم فإنهم يأخذون بالسببين أي يعطون للعمالة ويعطون للفقر

وهم جباتها وحفاظها وكذلك الموكلون بقسمتها لأنهم كلهم يعملون عليها

والجباة جمع جابي وهم الذين يأخذونها من أهلها

والحفاظ: الذين يقومون على حفظها

والقاسمون لها : الذين يقسمونها في أهلها

فالزكاة تحتاج إلى ثلاثة أشياء جباية وحفظ وتقسيم

فالذين يشتغلون في هذا هم العاملون عليها

الرابع: المؤلفة قلوبهم أي الذين يعطون لتأليف قلوبهم وهم السادات في عشائرهم ممن يرجى إسلامه أو كف شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه فهم الذين يطلب تأليف قلوبهم على هذه الأمور

الأول: الإسلام بحيث يكون كافراً لكن يرجى إسلامه فمن لا يرجى إٍسلامه من الكفار فإنه لا يعطى

الثاني: أن يرجى كف شره بأن يكون شريراً على المسلمين

الثالث: أن يرجى بعطيته قوة إيمانه وإن لم يكن سيداً مطاعاً في عشيرته لأن حفظ الدين وإجبار القلب أولى من حفظ الصحة وإحياء البدن

الخامس: الرقاب وهم المكاتبون والرقاب جمع رقبة والمراد بها الأرقاء فتصرف الزكاة في الأرقاء

والمكاتبون هم الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم ويفك منها الأسير المسلم

فصار عندنا ثلاثة أنواع

النوع الأول: المكاتب

النوع الثاني: الأسير المسلم

النوع الثالث: رقيق يشترى

السادس: الغارم وهو من لحقه غرم وهو الضمان والإلزام بالمال وما أشبه ذلك

والغارم نوعان

الأول: لإصلاح ذات البين فهذا يعطى من الزكاة بمقدار ما غرم ولو كان غنياً

وذلك بأن يكون بين جماعة وأخرى عداوة وفتنة فيأتي آخر ويصلح بينهم لكن قد لا يتمكن من الإصلاح إلا ببذل المال فيقول أنا التزم لكل واحد منكم بعشرة آلاف ريال بشرط الصلح ويوافقون على ذلك فيعطى هذا الرجل من الزكاة ما يدفعه في هذا الإصلاح فيعطى عشرون ألف ريال فيعطى من الزكاة ولو كان غنياً لأننا نعطيه هنا للحاجة إليه ومن أعطي للحاجة إليه فإنه لا يشترط أن يكون فقيراً

الثاني: من أنواع الغرم الغارم لنفسه أي لشيء يخصه فهذا نعطيه مع الفقر ، فالفقر هنا العجز عن الوفاء وإن كان عنده ما يكفيه ويكفي عياله لمدة سنة أو أكثر ويجوز أن نذهب إلى الدائن ونعطيه ماله دون علم المدين إذا كان يخشى أن يفسد هذه الدراهم

أما إذا كان ثقة حريص على وفاء دينه فالأفضل إعطاؤه إياها ليتولى الدفع عن نفسه حتى لا يخجل ولا يلزم أمام الناس ومن غرم في محرم أعطيناه من الزكاة إن تاب وإلا فلا

السابع: في سبيل الله السبيل هي الطريق قال تعالى: قل هذه سبيلي . وقال تعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ومعنى إضافته إلى الله أنه موصل إلى الله فهي خاصة بالجهاد في سبيل الله

فيشمل الغزاة وأسلحتهم إذ يجوز أن تشتري بها أسلحة يقاتل بها في سبيل الله

الثامن: ابن السبيل أي المسافر وسمي بابن السبيل لأنه ملازم للطريق لأن السبيل هو الطريق والمراد المسافر الذي انقطع به السفر أي نفدت نفقته فليس معه ما يوصله لبلده فيعطى ولو كان في بلده من أغنى الناس إذا انقطع به السفر لأنه في هذه الحال محتاج ولا يقال أنت غني فأقترض

ولا يعطى من الزكاة المسافر سفراً محرماً إلا إذا تاب وهو سهل بأن نقول له تب إلى الله ونعطيك فيستفيد من هذا التوبة وقضاء الحاجة

ويجوز صرفها إلى صنف واحد أي من الأصناف الثانية " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل " وبه قال الجمهور أي جواز صرف الزكاة لصنف واحد من الثمانية الآنف ذكرهم في الآية

لقوله تعالى" إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " والصدقات تشمل الزكاة والتطوع ولقول النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذاً إلى اليمين " أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم . ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لقبيصة أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها. أخرجه مسلم

ويسن صرف الزكاة في أقاربه الذين لا تلزمه مؤونتهم

مثل أخيه وعمه وخاله وابن أخيه وما أشبه ذلك لحديث سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهوراً وقال الصدقة على المساكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. أخرجه أحمد وصححه الحاكم على شرط البخاري ووافقه الذهبي

وبالله التوفيق

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-5 -15

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر