الدرس الخامس والعشرون : نواقض الوضوء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 4 ذو القعدة 1434هـ | عدد الزيارات: 2445 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

بول ما يؤكل لحمه طاهر ، فإذا استعمله في البدن لحاجة فلا حرج من الصلاة به ، وتجوز الصلاة في غرفة الغنم ومرابضها لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك .

الراجح طهارة سؤر البغل والحمار الأهلي وسباع البهائم كالذئب والنمر والأسد ، وجوارح الطير كالصقر والحدأة ، وهذا هو الذي صححه أبو محمد بن قدامة رحمه الله في المغني وهو الموافق للأدلة .

الأصل في المني الطهارة والمشروع إزالة ما أصاب الثياب من باب النظافة وإزالة الأوساخ ، والمني من الرجل ماء غليظ أبيض ومن المرأة رقيق أصفر ، وأما المذي فهو ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته أو نظر أو غير ذلك ، ويشترك الرجل والمرأة فيه ، والذي يلزم أن يُغتسل له هو المني ، أما المذي فيجب غسل الذكر والأنثيين منه ، ويجب الوضوء منه للصلاة ، ونضح ما أصاب البدن أو الملابس منه .

أما الودي فيخرج بعد البول غالباً وهو أبيض ثخين يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدورة ، ولا رائحة له .

مدة الحيض هي المدة التي جرت العادة أن يأتي فيها الحيض ، فإذا انقطع الدم تغتسل وتصلي وتصوم وتطوف بالكعبة ، وإذا عاودها الدم بعد مدة العادة من أجل مزاولة عمل طارئ آخر فليس بدم حيض بل دم علة وفساد ، فلا يمنعك من الصلاة ولا الصوم ونحوها من القربات بل يغسل كسائر النجاسات ثم تتوضأ لكل صلاة .

يجوز استعمال الحبوب لمنع العادة في شهر رمضان إذا كان استعمالها لا يضر بالصحة العامة ، ولا يحدث عقماً ولا يحدث اضطراباً في العادة الشهرية ، فإن الحبوب قد تنتهي إلى نزيف مستمر ، وإلا حرم ، ويعرف ذلك بسؤال أهل الخبرة من الأطباء المهرة المأمونين .

اليومان اللذان رأت فيهما الدم في موعد الحيض تجلسهما ولا تجوز الصلاة فيهما ، لأن الدم دم حيض ، وأما اليومان اللذان رأت فيهما الطهر فتصلي فيهما بعد أن تغتسل وهكذا اليومان الأخيران تجلسهما لأن الدم فيهما دم حيض .

اختلف الفقهاء في الحامل هل تحيض وهي حامل أو لا ، والصحيح من القولين أنها لا تحيض أيام حملها ، وذلك أن الله سبحانه جعل من أنواع عدة المطلقة أن تحيض ثلاث حيض ليتبين بذلك براءة رحمها من الحمل ، ولو كانت الحامل تحيض ما صح أن يجعل الحيض عدة لإثبات براءة الرحم ، والدم الذي يخرج من المرأة الحامل دم فاسد لا حيض ، وعليها أن تتوضأ بعد دخول الوقت لكل صلاة وتصلي وتحل لزوجها وتصوم ولا قضاء عليها .

ولا يجوز للحائض دخول المسجد إلا مروراً إذا احتاجت إلى ذلك كالجنب لقوله تعالى " يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغتَسِلُواْۚ " النساء 43 .

ووطء الحائض في الفرج حرام لقوله تعالى " وَيَسْألُونَكَ عَنِ ٱلمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلمَحِيضِ وَلَا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطهُرۡنَۖ " البقرة 222 ، ومن فعل ذلك فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه وعليه أن يتصدق بدينار أو نصفه كفارة لما حصل منه كما رواه أحمد وأصحاب السنن بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن يأتي امرأته وهي حائض " يتصدق بدينار أو نصف دينار " فأيهما أخرج أجزأه ، ومقدار الدينار أربعة أسهم من سبعة أسهم من الجنيه السعودي ، فإذا كان صرف الجنيه السعودي مثلا سبعين ريالا فعليك أن تخرج عشرين ريالا أو أربعين ريالا تتصدق بها على بعض الفقراء .

ولا يجوز أن يطأها بعد الطهر أي انقطاع الدم وقبل أن تغتسل لقوله تعالى " وَلَا تَقرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطهُرۡنَۖ فَإِذَا تَطَهَّرۡنَ فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَيثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُۚ " البقرة 222 ، فلم يأذن سبحانه في وطء الحائض حتى ينقطع دم حيضها وتتطهر أي تغتسل ، ومن وطئها قبل الغسل أثم وعليه الكفارة .

أكثر مدة النفاس في قول أكثر أهل العلم أربعون يوماً بلياليها ، لما رواه أبو داود والترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً وأربعين ليلة " ، وروى الدارقطني عن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم : كم تجلس المرأة إذا ولدت ؟ قال : " أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك " ، وقال أبو عيسى الترمذي : أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ بَعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي .

وحكم جماع النفساء والدم نازل حرام كجماع الحائض ، ومن فعل ذلك فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه وعليه أيضاً أن يتصدق بدينار أو نصفه كفارة لما حصل منه ، أما إن كان وطء الزوجة النفساء في فترة انقطع فيها الدم وكان بعد أن اغتسلت فلا شيء عليه ولو لم تكمل الأربعين يوماً ، ولا يكون ما تراه من الدم بعد الأربعين نفاساً بل دم استحاضة فتغتسل بعد الأربعين وتصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة وتضع خرقة أو نحوها على فرجها لتمنع نزول الدم ، إلا إذا صادف عادتها فإنها تعتبره حيضاً تدع الصلاة والصوم ويحرم على زوجها جماعها .

إسقاط الحمل في الشهر الثالث من حملها لا يعتبر دم نفاس لأن ما نزل منها من الحمل إنما هو علقة لا يتبين فيها خلق آدمي وعلى ذلك يصح صومها وتصح صلاتها والدم يعتبر دم استحاضة ، فإذا أسقطت المرأة علقة أو مضغة لم يظهر فيها خلق الإنسان فلا نفاس فيها ، وما خرج منها من الدم قبيل الإسقاط وبعده يعتبر دم فساد تصوم وتصلي مع وجوده وتتوضأ لكل صلاة وتتحفظ منه بقطن ونحوه ، أما إن سقط منها ما تبين فيه خلق إنسان فحكمها حكم النفساء تدع الصلاة والصيام ويجتنبها زوجها حتى تطهر أو تكمل أربعين يوماً فإذا طهرت قبل الأربعين اغتسلت وصلت وحل لها الصوم وحلت لزوجها .

إذا وضعت الحامل ولم يخرج دم وجب عليها الغسل والصلاة والصوم ، ولزوجها أن يجامعها بعد الغسل لأن الغالب في الولادة خروج دم ولو قليل مع المولود أو عقبه .

الذي يتعمد النوم عن الصلاة ويوقظ لها من نومه مراراً ويتركها عمداً أو يصليها إذا استيقظ في غير وقتها في حكم من يتركها عمداً ، وكذا من يتعمد النوم عن أدائها في وقتها دون الأخذ بأسباب يقظته لها في وقتها وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " .

من غاب عقله مدة طويلة لا يعي شيئاً فيها فليس عليه قضاء ما مضى من الصوم والصلاة أيام غيبوبة عقله في أصح قولي العلماء لكونه غير مكلف بهما تلك المدة ، ويجب على المكلف أداء الصلاة في وقتها ولو كان مريضاً ما دام أنه يعقل ، وما فات من الصلوات يجب عليك المسارعة إلى القضاء مرتباً فتصلي في اليوم الأول مثلاً الفجر ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم اليوم الثاني كذلك وهكذا إلى أن تنتهي الأيام .

ومن يؤخر الصلاة عن أوقاتها فهو مرتد يستتاب ، فإن تاب واستقام فالحمد لله ، وإن أصر رفع أمره إلى القاضي ليقيم عليه الحد الشرعي .

يستتاب تارك الصلاة عمداً ثلاثة أيام على الصحيح ، فإن تاب فالحمد لله وإلا قُتل بواسطة الحاكم الشرعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من بدَّل دينه فاقتلوه " رواه البخاري ، وترك صلاة الصبح من غير نوم ولا نسيان بل تكاسلاً عنها حتى تطلع الشمس كفر أكبر على الصحيح من قولي العلماء وعلى هذا القول صيامه غير صحيح ، وأما تأخيره لصلاة العصر إلى قبيل غروب الشمس فذلك من صفات المنافقين كما بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه إذا أداها في ذلك الوقت أجزأته ولا يفسد بذلك التأخير صيامه وعليه التوبة من ذلك والواجب عليه أن يصليها قبل أن تصفر الشمس في المسجد جماعة مع المسلمين .

من ترك الصلوات التي فاتت عمداً وتهاوناً وكسلاً فليس عليه قضاء ، ولكن عليه التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله ، لأن ترك الصلاة المكتوبة عمداً كفر أكبر يحبط العمل وإن لم يجحد التارك وجوبها في أصح قولي العلماء .

الأذان فرض كفاية في البلد وهكذا الإقامة ، لذا يُشرع للمسلم الأذان والإقامة إذا حضرت الصلاة سواء كان في بلاد المسلمين أو في بلاد الكفار أو في السفر ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه : " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم " ، وغيره من الأحاديث الواردة في فضل الأذان والأمر به .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

2 - 11 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر