الدرس الثامن والعشرون: قراءة البسملة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 5 ذو القعدة 1434هـ | عدد الزيارات: 1941 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

إذا كان المصلي سيقرأ سورة بعد الفاتحة فيقرأ قبلها البسملة سراً وإذا كان سيقرأ ما تيسر من وسط سورة أو آخرها فلا تشرع له قراءتها فهي تقرأ عند قراءة كل سورة ولا تكفي قراءتها في الركعة الأولى قبل الفاتحة وهي آية من القرآن .

الاستعاذة سنة فلا يضر تركها في الصلاة عمداً أو نسياناً ، ولا نعلم ما يدل على شرعية الاستعاذة عند التثاؤب لا في الصلاة ولا في خارجها ، والحركة اليسيرة معفو عنها في الصلاة .

الصحيح من أقوال العلماء وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة على المنفرد والإمام والمأموم في الصلاة الجهرية والسرية لصحة الأدلة الدالة على ذلك وخصوصها ، وأما قوله تعالى " وَإِذَا قُرِئَ ٱلقُرۡءَانُ فَٱستَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ " الأعراف 204 ، فعام ، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : " وإذا قرأ فأنصتوا " عام في الفاتحة وغيرها فيخصصان بحديث : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " جمعاً بين الأدلة الثابتة ، وأما حديث : " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " فضعيف ، ومن جاء إلى الجماعة وكبَّر مع الإمام لزمه قراءتها ، ومن ترك قراءة الفاتحة ناسياً في إحدى الركعات وقعت الركعة التي بعدها عنها وعليه أن يأتي بركعة يكمل بها صلاته إذا كان إماماً أو منفرداً ، ثم يسجد للسهو بعد التشهد وقبل السلام ، أما المأموم فلا شيء عليه إذا تركها سهواً أو جهلاً .

الذي ينبغي أن تقرأ سور القرآن في الصلاة على ترتيبها في المصحف وإن قُرئ بغير ذلك كأن يقرأ سورة الغاشية في الأولى وسبح اسم ربك الأعلى في الثانية جاز ، لكنه خلاف الأولى .

القدر المناسب لقراءة الإمام في الصلاة الجهرية ذلك مما يختلف باختلاف أحوال المصلين بالمسجد جماعة فليراع كل إمام حال جماعة مسجده لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أيكم أمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة " متفق عليه .

وإذا أسر الإمام بالقراءة في موضع الجهر كان تاركاً للسنة ولا تبطل صلاته بذلك إذ يشرع رفع الصوت بالقرآن في الصلاة الجهرية ولو للمنفرد .

الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يقرأ في صلاته لا في الفاتحة ولا في غيرها بكلمة من القرآن بقراءتين مختلفتين فيما نعلم ولم ينقل ذلك عن خلفائه الراشدين ولا عن أحد من صحابته رضوان الله عليهم أجمعين ، ولا ينبغي فعل ذلك ، ومن فعله واستمر عليه فقد ابتدع في الدين ما لم يشرعه الله ولا رسوله ، وخالف بفعله هذا قوله عليه الصلاة والسلام : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .

تجوز قراءة القرآن في الصلاة من المصحف في رمضان وفي غيره في الفريضة وفي النافلة أثناء الصلاة الجهرية إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، ويشرع للمأموم إذا غلط إمامه أو نسي قراءته أن يفتح عليه ويلقنه الصواب في القراءة لكن إذا لم يفتح عليه أحد فإن صلاته صحيحة ، ولا يعيدها إذا كانت الآيات الساقطة من غير الفاتحة .

لا تجوز الصلاة بغير اللغة العربية مع القدرة عليها ، فيلزم المسلم أن يتعلم باللغة العربية من الدين ما لا يسعه جهله ومنه تعلم سورة الفاتحة والتشهد والتسميع والتحميد والتسبيح في الركوع والسجود ، ورب اغفر لي بين السجدتين والتسليم ، أما العاجز عن اللغة العربية فعليه أن يأتي بما ذُكر بلغته إلا الفاتحة فإنها لا تصح قراءتها بغير العربية وهكذا غيرها من القرآن وعليه أن يأتي بمكانها بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير لحديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه فقال : " قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " رواه أحمد ، لقول الله سبحانه وتعالى " فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱستَطَعتُمۡ " التغابن 16 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " ، إلى أن يتعلم اللغة العربية ، وعليه أن يبادر بذلك .

من فاتته الركعتان الأوليان من المغرب والعشاء كان ما أدركه مع الإمام أول الصلاة بالنسبة له على الصحيح من أقوال العلماء .

إذا صلى شخص منفرداً في الصلاة الجهرية فالسنة أن يقرأ جهراً لعدم الدليل الذي يوجب العدول عن الجهر بها .

ليست السكتة التي بعد تكبيرة الإحرام من أجل قراءة الفاتحة فيها ، ولكنها للإتيان بدعاء الاستفتاح ، وكذا السكتة التي قبل الركوع ليست من أجل تمكين المأموم من قراءة الفاتحة فيها ولكنها للفصل بين القراءة والتكبير للركوع ، ولكن للمأموم أن يقرأ الفاتحة مع قراءة الإمام الفاتحة أو السورة وذلك مستثنى بالأحاديث من آية " وَإِذَا قُرِئَ ٱلقُرۡءَانُ فَٱستَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ " الأعراف 204 .

روى أبو داود وابن ماجه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه : " أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين سكتة إذا كبَّر وسكتة إذا فرغ من ( غَيرِ ٱلمَغضُوبِ عَلَيهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ) الفاتحة 7 " ، وبذلك تعلم مشروعية هاتين السكتتين .

إذا كان المأموم مع الإمام في صلاة جهرية قرأ الفاتحة فقط ، وإذا كان معه في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة قرأ في الأوليين من الرباعية الفاتحة وسورة معها ، أو ما تيسر من القرآن .

إذا أدرك المسبوق الركعة الثانية فهي بالنسبة له الأولى ، وله أن يقرأ في التي بعدها سورة أو آيات أقل مما قرأ في الأولى ويكون ذلك بعد الفاتحة .

شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم التأمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة بقوله وفعله ، وذلك فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه " ، وفيما رواه أبو داود والترمذي عن وائل بن حجر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان إذا قال : " وَلَا ٱلضَّآلِّينَ " قال : آمين ، ورفع بها صوته " ، وحكم قول: آمين ، بعد قول الإمام " وَلَا ٱلضَّآلِّينَ " أنه سُنَّة للإمام والمأموم والمنفرد .

يقول الساجد في سجود السهو والتلاوة مثل ما يقول في سجوده في صلاته " سبحان ربي الأعلى " ، والواجب في ذلك مرة واحدة ، وأدنى الكمال ثلاث مرات ، ويستحب الدعاء في السجود بما يسَّر الله من الأدعية الشرعية المهمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " رواهما مسلم في صحيحه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول أيضا في الركوع والسجود : " سبوح قدوس رب الملائكة والروح " أخرجه مسلم .

جلسة الاستراحة من سنن الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد ، ومتابعة الإمام واجبة وسبقه حرام ، فالواجب على المأموم إذا جلس إمامه جلسة الاستراحة أن يجلس حتى لا يسبق إمامه ، وجلسة الاستراحة مستحبة مطلقاً ويؤيد القول باستحبابها أمران :-

أحدهما : أن الأصل في فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفعلها ليُقتدى به .
والثاني : ثبوت هذه الجلسة في حديث أبي حميد الساعدي الذي رواه أحمد بإسناد جيد ، وفيه أنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في عشرة من الصحابة رضي الله عنهم فصدقوه في ذلك .

كان صلى الله عليه وسلم يسوي ظهره في الركوع ويمكن كفيه من ركبتيه وكان يستغفر الله ثلاثاً بعد السلام ، ويقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " ، ثم ينصرف إلى الناس ويقول : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلاالله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " رواه البخاري ومسلم .

السنة أن يفترش رجله اليسرى ويجلس عليها بين السجدتين ناصباً قدمه اليمنى ، وهكذا في التشهد الأول ، أما التشهد الأخير ، فالسنة فيه التورك وهو أن يدخل قدمه اليسرى تحت ساقه اليمنى ويجلس على مقعدته ، وهذا كله مستحب ، ولو تورك المصلي في التشهد الأول وافترش في التشهد الأخير لم تبطل صلاته .

تكرار الفاتحة سهواً فلا يلزمه بذلك سجود السهو ، ويجوز للإمام والمنفرد قراءة سورتين في ركعة لما رواه البخاري وغيره " أن رجلا من الأنصار كان يؤمهم بمسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ " قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ " الإخلاص 1 ، حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها ، وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمه أصحابه فقالوا إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى ، فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى فقال ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت ، وإن كرهتم تركتكم ، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أحبها ، فقال : حُبُّك إياها أدخلك الجنة " أخرجه البخاري .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

3 - 11 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر