الدرس السادس والستون : الحجاب 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 9 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2715 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

أولاد زوجك الذين ولدوا قبل زواجك منه والذين ولدوا بعد طلاقك منه محارم لك يجوز لك أن تكشفي لهم ما تكشفينه للمحارم ، وكذلك الشأن في أبناء ابنة زوجك وكذا أولاد زوج أمك من غير أمك محارم لأمك وكذلك أولاد أولادهم محارم لأمك سواء كانوا سابقين في الولادة على زواجه بأمك أم متأخرين عن ذلك .

ابن الزوج محرم لزوجة أبيه لأنه من محارمها كما أن زوج الأم المدخول بها محرم لبنتها من غيره لأنها ربيبته وهو من محارمها .

لا بأس أن تكشف والدتكم وجهها عند أولاد زوجها من زوجة أخرى لأنهم من محارمها قال تعالى لما ذكر المحارم " أَوۡ أَبنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ " النور 31 .

مجرد عقد الأب أو الجد وإن علا على امرأة يحرمها على أبنائه وأبناء أبنائه وإن نزلوا وتكون في حكم زوجات الأب وإن لم يحصل دخوله بها أو خلوته وذلك لعموم قول الله تعالى " وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ " النساء 22 ، وعلى ذلك يحل لها أن تكشف لأبناء زوجها وأبناء أبنائه وإن نزلوا ، أما بنات هذه المرأة التي عقد عليها أبوك ولم يدخل بها فإنهن أجنبيات منه لا يحل لهن أن يكشفن له لأن الله حرَّم الربائب وقيَّد تحريمهن بالدخول بأمهن في قول الله تعالى " وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمۡ " النساء 23 ، ويقصد بالدخول الجماع ، وعلى ذلك فإنه يباح له أن يتزوج بإحدى بناتها ، أما إن دخل هذا الرجل بهذه المرأة فإن بناتها ربائب له يحرم عليه أن يتزوج بإحداهن ويحل لهن أن يكشفن له للآية السابقة .

لا تعتبر محرماً لوالدة زوجة أبيك لأنك أجنبي منها ، وأبو الزوج من محارم المرأة المؤبدين لأنها حليلة ابنه الذي من صلبه فيجوز لها أن تسلم عليه وتصافحه بيدها وتبدي له ما تبديه لمحارمها من النسب .

أبوك من الرضاعة بمنزلة أبيك من النسب فلا تتحجب زوجتك منه لقول الله تعالى " وَحَلَٰٓئِلُ أَبنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنۡ أَصلَٰبِكُمۡ " النساء 23 ، ويدخل في ذلك حليلة الابن من الرضاع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " .

جد الزوج سواء كان من جهة الأب أم من جهة الأم يعتبر محرماً لزوجة ابن ابنه أو ابن بنته لقوله تعالى لما ذكر المحارم " أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ " النور 31 ، والجد يعتبر أباً من أي جهة .

زوج ابنة المرأة من محارمها بالمصاهرة يجوز له أن يرى منها ما يجوز أن يراه من أمه وأخته وبنته وسائر محارمه فسترها وجهها أو شعر رأسها أو ذراعها ونحو ذلك عن زوج ابنتها من الغلو في الحجاب والامتناع من مصافحته عند اللقاء غلو أيضاً في التحفظ وقد يوجب ذلك نفرة وقطيعة فينبغي لها أن تترك الغلو في ذلك إلا إذا أحست منه ريبة أو وجدت منه عيناً خائنة فهي محسنة فيما فعلت .

إذا عقد الرجل على امرأة ثم توفيت قبل الدخول بها فالمتوفاة زوجة لمن عقد عليها يرثها ويكون محرماً لأمها وجداتها بمجرد ذلك العقد دون بناتها .

لا يحل لأم المرأة المخطوبة أن تكشف وجهها لخاطب ابنتها لأنها قبل العقد على ابنتها تعتبر أجنبية من الخاطب ولا يحل للمرأة المخطوبة أن تكشف وجهها لوالد خاطبها لأنه قبل عقد النكاح ليس من محارم المخطوبة .

لا يجوز للخاطب أن يخلو بمخطوبته ولا بأمها بل يعتبر أجنبياً عنهما حتى يتم عقد النكاح فتصير بعد العقد زوجة له وأمها من محارمه يجوز له أن يدخل للسلام عليها في العدة وغيرها .

يجوز لمن تزوج امرأة ثم طلقها مصافحة أمها لأنه بعقده على المرأة تحرم عليه أمها وجداتها تحريماً مؤبداً ويكن بذلك محارم له لا يحتجبن عنه وله مصافحتهن .

المرأة التي عقدت عليها وخلوت بها ولم تطأها لا تكون بناتها محارم لك لقوله تعالى لما ذكر المحرمات من النساء " وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمۡ " النساء 23 .

الطفلة اللقيطة لا تُنسب إلى من رباها ولا يكون محرماً لها إلا إذا رضعت من زوجته أو ممن تحرم عليه من النساء بنسب أو سبب مباح كأمه أو أخته وزوجة أبيه وما أشبه ذلك خمس رضعات فأكثر في الحولين ، ولا شك أن في كفالة اللقيط والإحسان إليه أجراً عظيماً عند الله سبحانه وتعالى لمن صلحت نيته .

لا يجوز للنساء الكشف عن وجوههن عند إخوة أزواجهن لأنهم غير محارم لهن وإنما هم أحماء وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمو فقال : " الحمو الموت " أي إن خطره أشد من خطر البعيد لأنه مظنة التساهل في كشف الحجاب وغيره .

يجوز الكلام مع زوجة الأخ بقدر الحاجة إذا كانت متحجبة وأمنت الفتنة وكان ذلك بغير خلوة بها ، ولا يجوز للمرأة أن تختلط مع الرجال الذين ليسوا من محارمها وتأكل معهم من إناء واحد لأن هذا يسبب الافتتان بينهم ويجر إلى وقوع الفاحشة فلابد أن تحتجب المرأة وتنعزل عن الرجال الأجانب وتأكل وحدها أو مع النساء أو مع محارمها قال الله تعالى " وَقُل لِّلمُؤۡمِنَٰتِ يَغضُضنَ مِنۡ أَبصَٰرِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ " النور 31 ، وقال تعالى " وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَٰعاً فَسألُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمۡ أَطهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ " الأحزاب 53 ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون صفوف النساء خلف صفوف الرجال في الصلاة من أجل درء الفتنة وفي غير الصلاة من باب أولى .

لا يجوز لزوجتك أن تخلو بشقيقك ولا أن تصافحه بيدها ولا أن تبدي شيئاً من زينتها له ولا لابن عمك ، ولا حرج في زيارة والدتك لعمك عند مرضه بشرط عدم الخلوة .

لا يجوز لك مصافحة زوجة أخيك ولا السهر معها ولكن يجوز لك أن تسلم عليها بكلام بدون خلوة وأن تتحدث معها فيما لك فيه حاجة إذا أمنت الفتنة مع عدم الخلوة .

لا يجوز للأولاد الذكور إذا بلغوا الحلم أو كان سنهم عشر سنوات أن يناموا مع أمهاتهم أو أخواتهم في مضاجعهم أو في فرشهم احتياطاً للفروج وبعداً عن إثارة الفتنة وسداً لذريعة الشر وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بين الأولاد في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين فقال : " مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " ، وأمر الذين لم يبلغوا الحلم أن يستأذنوا عند دخول البيوت في الأوقات الثلاثة التي هي مظنة التكشف وظهور العورة وأكد ذلك بتسميتها عورات فقال تعالى " يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَستَ‍ٔذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتۡ أَيمَٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبلُغُواْ ٱلحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ مَرَّٰتٖۚ مِّن قَبلِ صَلَوٰةِ ٱلفَجرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعدِ صَلَوٰةِ ٱلعِشَآءِۚ ثَلَٰثُ عَوۡرَٰتٖ لَّكُمۡۚ لَيسَ عَلَيكُمۡ وَلَا عَلَيهِمۡ جُنَاحُۢ بَعدَهُنَّۚ طَوَّٰفُونَ عَلَيكُم بَعضُكُمۡ عَلَىٰ بَعضٖۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأٓيَٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ " النور 58 ، وأمر الذين بلغوا الحلم أن يستأذنوا في كل الأوقات عند دخول البيوت فقال تعالى " وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطفَٰلُ مِنكُمُ ٱلحُلُمَ فَليَستَ‍ٔذِنُواْ كَمَا ٱستَ‍ٔذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبلِهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ " النور 59 .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

8 - 12 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر