الدرس السابع والستون : النكاح

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 9 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2256 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

المبادرة بالزواج للشباب هو السنة لمن استطاع تكاليف الزواج والقيام بالحقوق الزوجية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " متفق عليه ، والزواج سنة مرغب فيه للمستطيع ، وقد يكون في حق بعض الناس فرضاً إذا خشي على نفسه من الوقوع في الفاحشة واستطاع مؤنة النكاح .

فالنكاح سنة من سنن المرسلين ، وهو مشروع في الإسلام وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأمر مرغب فيه في الإسلام ، ومشروعية الزواج تختلف باختلاف الأحوال فمن خاف على نفسه الوقوع في المحظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه الزواج إن كان قادراً على مئونته في قول عامة فقهاء الإسلام لأن إعفاف النفس عن الحرام واجب وطريقه الزواج ولهذا يقدم في هذه الحالة على الحج وإن كان يأمن على نفسه من الوقوع في المحظور استُِحب له الزواج .

لا تعتبر مارية القبطية التي أهداها المقوقس للرسول صلى الله عليه وسلم زوجة من زوجاته ولا من أمهات المؤمنين بل هي سرية تسررها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنجبت له إبراهيم فصارت بذلك أم ولد .

يحرم على من طلَّق زوجته الرابعة أن يتزوج بأخرى حتى تخرج المطلقة من العدة .

لا يلزم من ماتت زوجته وأراد الزواج بأختها أن ينتظر مقدار عدتها لعدم الحاجة لذلك .

ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره ، وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما يشاع ولا يجوز منع الإنجاب خوفاً من الإعاقة بل يجب التوكل على الله سبحانه وإحسان الظن به .

لا يجوز للمرأة أن تمتنع من الزواج بعد وفاة زوجها لأن ذلك خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز لزوجها أن يمنعها من الزواج بعده ولا يلزمها طاعته في ذلك لو فعل لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الطاعة في المعروف " .

للمرأة إذا تُوفي زوجها وأكملت عدتها أن تتزوج من ترى فيه مصلحتها من جهة الدين والأمانة والخلق سواء كان أخاً لزوجها المتوفى أم غيره .

يجب على الشاب أن يتزوج إذا خاف على نفسه الفتنة وكانت عنده القدرة المالية على الزواج من ماله أو مال غيره وإذا تبرع له أحد بتكاليف الزواج جاز له قبوله لقول النبي صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " .

وإذا كان لا يستطيع الزواج فلا حرج عليه في تأخيره حتى يستطيعه لقول الله سبحانه وتعالى " لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفسًا إِلَّا وُسعَهَاۚ " البقرة 286 ، وعليه تقوى الله والكف عن محارمه لقوله تعالى " وَليَستَعفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضلِهِۦۗ " النور 33 ، ويكثر من صيام التطوع قدر الاستطاعة فإن هذا مما يساعد على ضبط نفسك وكبح جماح شهوتك وكسب العفة كما في الحديث السابق .

وإن تيسر لك أن تستدين وتتزوج مع القدرة مستقبلاً على تسديد الدين فافعل إعفافاً لفرجك وأرجو الله أن يعينك على ذلك ، وننصحك بالبعد عن مثار الشهوة فَغُضَ البصر واجتنب الاختلاط بالفتيات ومجالستهن والحديث معهن قدر الاستطاعة وأسأل الله تعالى أن يعفك ويحفظك من غائلة الشهوات وزلات الفتن .

ومن كان غير قادر على المهر والإنفاق على الزوجة فهو معذور وعليه بالصوم ليكسب حصانة في فرجه وعفة عن ارتكاب الفاحشة ، وإن استطاع المهر والنفقة وأبى أن يتزوج فهو مخالف لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .

ويحل لك الزواج وعمرك اثنتا عشرة سنة ولا نعلم مانعاً يمنع من ذلك إذ يصح عقد الصبي الصغير على الصغيرة بإذن أوليائهم وهذا ردٌ على سائل يسأل بأن عمره 14 عاماً يرغب الزواج ببنت عمرها يتراوح بين 10-14 سنة فيصح ذلك ، والأصل مشروعية تزويج البنات مطلقاً كبيرة أم صغيرة لقوله تعالى " وَأَنكِحُواْ ٱلأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ " النور 32 ، فإذا خطبت المرأة من وليها واكتملت الشروط وانتفت الموانع فليزوجها وتقديم الصغيرة على الكبيرة في الزواج ليست مخالفة للشرع .

وحديث : " أنتم أعلم بأمر دنياكم " حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه ، ومعناه أن الناس أعلم بأمور دنياهم وتصريفها كالزراعة وأنواع الصناعة والخياطة والتجارة وأشباه ذلك مع مراعاة حكم الشرع في كل شيء .

ولا حرج عليك في الزواج ممن ترى أنها امرأة صالحة للحياة الزوجية سواء كانت مثل عمرك أو أقل أو أكثر ولكن جاءت السنة بالترغيب من الزواج بالأبكار كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه لما سأله عن زوجته " هل هي بكر أو ثيب ؟ فقال جابر : بل ثيب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك " خرجه البخاري ومسلم وأهل السنن .

إذا خطب المرأة كفء ومحافظ على دينه مستقيم في أخلاقه فعليها أن تجيب إعفافاً لنفسها وقد حثَّ الشرع على الزواج ورغَّب فيه فعلى ولي أمر هذه الشابة أن ينصحَ لها بالزواج ويحثها عليه فإن أبت ولم يخش عليها الفتنة تركها وشأنها .

والسنة دلت على مشروعية الزواج وأنه سنة من سنن المرسلين وبالزواج يستطيع الإنسان بتوفيق من الله تعالى التغلب على كثير من نزعات الشر ، فإن الزواج أغض للبصر وأحصن للفرج كما بيَّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى الحاكم في المستدرك عن أنس مرفوعاً : " من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي " ، وروى البيهقي في الشعب عن الرقاشي بلفظ : " إذا تزوَّج العبد فقد كمل نصف الدين فليتق الله في النصف الآخر " .

ويجب عليك أن تغض من بصرك عن المحارم وكذلك لا يجوز لك مطالعة المجلات والأفلام التي تشتمل على صور النساء قال تعالى " قُل لِّلمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبصَٰرِهِمۡ وَيَحفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصنَعُونَ " النور 30 .

والواجب عليك إذا لم تستطع الزواج تقوى الله جل وعلا ومراقبته وغض بصرك والصيام قدر استطاعتك وأفضل الصيام أن تصوم يوماً وتفطر يوماً وهو صيام نبي الله داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم .

والزواج سنة من سنن المرسلين وقد ورد الحث عليه بأدلة كثيرة ، ومن الحكم المترتبة عليه غض البصر وإحصان الفرج وحصول النسل والتعاون بين المرأة والرجل على شؤون الحياة ، وحصول الفتى على الزواج لا يشغل عن القيام بالدعوة إلى الله بل هو معين عليها لما فيه من سكون النفس .

وإعلان المرأة في الجرائد والمجلات عن رغبتها في الزواج وذكر مواصفاتها يتنافى مع الحياء والحشمة والستر ولم يكن من عادة المسلمين فالواجب تركه ، وأيضاً هذا العمل يتنافى مع قوامة وليها عليها وكون خطبتها عن طريقه وموافقته .

ولا بأس أن تخبر وليها برغبتها في الزواج ولا بأس لولي المرأة أن يعرض ابنته أو موليته على من يظن به الصلاح ويرى فيه الخير ورعاية الأمانة وليكن عرضاً لائقاً ، ويؤيد ذلك عرض عمر رضي الله عنه ابنته حفصة لما تأيمت من زوجها على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم ، ويجب على ولي المرأة أن يختار لموليته الرجل الكفء الصالح ممن يرضى دينه وأمانته لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

8 - 12 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر