الدرس الثامن والستون : النكاح 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 16 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2440 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

يجوز للفتاة طلب يد الرجل للزواج إذا وجدت فيه من صفات المسلم الملتزم ، ولا حرج في ذلك فقد فعلته خديجة رضي الله عنها ، وفعلته الواهبة المذكورة في سورة الأحزاب ، وفعله عمر رضي الله عنه بعرضه ابنته حفصة على أبي بكر ثم على عثمان رضي الله عنهما .

يجوز أن تتنازل عن خطبة فتاة لأخيك أو لغيره ، وله بعد ذلك أن يتزوجها إن رَضِيَتْ به .

كشف المخطوبة وجهها لخاطبها قبل عقد الزواج يجوز ليعرف منها ما يرغبه فيها ، ولا يجوز الاستمرار في ذلك لما يخشى من عواقبه .

يجوز للرجل أن يسأل المرأة التي يرغب الزواج منها بدون خلوة بها إذا كان لديه رغبة حقاً في تزوجها .

مسألة : طلب رجل امرأة من أبويها ودفعها له ثم سافر إلى سنة أو أكثر ثم طلبها رجل آخر فهل يدفعها للآخر أو لا ؟
والجواب : إن كان ما اتفق عليه أبوها مع الأول خطبة فقط فلأبيها أن يقبل خطبة الثاني ابنته ويستجيب له إذا رأى مصلحة ابنته في ذلك ورضيت ، وليس للثاني أن يخطبها إلا إذا علم انصراف الأول عنها أو انصرافهم عنه أو أذن الأول في ذلك لنهيه صلى الله عليه وسلم عن خطبة الرجل على خطبة أخيه بقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه " متفق عليه ، وإن كان الأول قد عُقد له عليها عقد نكاح فليس لأبيها أن يعطيها ولا تحل للثاني إلا إذا طلَّقها الأول أو تُوفي عنها وانتهت عدتها .

يحرم إفساد المرأة على زوجها وتخبيبها عليه سواء كان المخبب من الأقارب أو غيرهم ، فقد أخرج النسائي وأبو داود وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من خبَّب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده " .

يجوز الاستخارة قبل رؤية الخاطب وبعدها ، وعلامة الاستخارة في إتمام الأمر الذي استخار فيه أو تركه هو أن يجد المرء في قلبه قبولاً وانشراحاً لهذا الأمر الذي استخار فيه بأنه خير ، فإن وجد في قلبه انقباضاً وصدوداً عن ذلك الأمر فهو علامة بأن فيه شراً فيتركه الإنسان إلى غيره .

ينبغي لمن تقدم لها خطيب أن توصي أهلها بالسؤال عنه أو تنيب ثقة من أقاربها يسأل عن دينه وأمانته وخلقه ، فإذا أُثني عليه خيراً فتصلي ركعتين وتستخير الله تعالى في الزواج من هذا الشخص المتقدم بالدعاء الوارد في حديث الاستخارة فإن وجدت في قلبها انشراحاً وفي نفسها اطمئناناً فتستعين بالله وتعزم على الزواج منه ، وإن وجدت في قلبها انقباضاً وعدم اطمئنان إليه فتصرف نفسها عن الزواج منه .

مسألة : تقدم أكثر من أخ ملتزم مسلم إلى مسلمة ورفضت الزواج منهم لأنها صرفت في الاستخارة مع أنهم على خلق ودين هل هذا التصرف سليم أو أنه يعارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه " ؟
والجواب : الحديث المذكور ضعيف فقد نُقل عن البخاري أنه لم يعده محفوظاً ، وعدَّه أبو داود في المراسيل وأعلَّه ابن القطان بالإرسال ، وعلى هذا فلا حرج عليها ، لكننا ننصحها بالمبادرة بالزواج إذا تقدم لها الكفء بغض النظر عن طلب الكمال .

لا يجوز الكذب على المرأة المخطوبة في نوع العمل لأنه نوع من التدليس ، وإذا كان قد كذب عليها فعليه أن يتوب إلى الله جل وعلا وأن يستغفره فيما بدر منه من الكذب وأن يستسمحها .

مسألة : إنني أريد أن أتزوج بامرأة تمتلك صفات حسنة وخلق جميل ووالدي يمنعني من ذلك بسبب تشكيكه في والدها ويفرض علي الزواج من امرأة أخرى لا أرض بتلك المرأة قطعاً ؟

والجواب : إذا كان الأمر كما ذُكر جاز لك أن تتزوج بمن ترغب الزواج بها إذا كانت مرضية في دينها وأمانتها .

يجب على الولي أن يبين للخاطب ما في المرأة المخطوبة من العيوب والأمراض إذا كان الزوج لا يعرف ذلك حتى يكون على بصيرة لأن في عدم إخباره بذلك غشاً له وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من غشنا فليس منا " ، ومن سُئل عن شخص لمصلحة شرعية فإنه يجب على المسئول بيان ما يعرفه عنه حسب الحقيقة الواقعة ولا يجوز له أن يكذب على السائل ، ويجب على ولي المرأة في هذا أن يتحرى ويسأل عمَّن خطب موليته فإن رضيه في دينه وخلقه زوَّجه وإلا فلا ، والسبل التي تعرف بها حال الشخص كثيرة ومتيسرة منها سؤال أقربائه وأصحابه في عمله والنظر في حاله مع عدم الاستعجال في هذا ، ولا حرج في فسخ الخطبة إذا كان الخاطب غير مرضي الخلق والدين ونحوهما .

إذا كان الخاطب مرضياً في دينه وخلقه بأن كان متمسكاً بدينه متحلياً بآداب الإسلام وأخلاقه فينبغي إتمام الخطوبة ، وإن كان غير ذلك فلا يجوز إتمام الخطوبة ويجب فسخها .

ومجرد الخطوبة بين الرجل والمرأة لا يحصل بها عقد النكاح فلكل من الرجل والمرأة أن يعدل عن الخطوبة إذا رأى أن المصلحة في ذلك سواء رضي الطرف الآخر أو لم يرض .

لا مانع من تزويج البنت الذي قد رضيت به هي ووليها ، ولا يُلتفت إلى معارضة الأم ولكن تُعامل الأم من البنت وأبيها بالتي هي أحسن حسب الإمكان لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " رواه ابن ماجه .

لا يجوز للمرأة أن تخرج مع خطيبها قبل أن يُعقد له عليها بدون محرم لأن ذلك وسيلة إلى الفتنة وما لا تحمد عقباه .

ويجوز لمن أراد أن يتزوج امرأة أن ينظر عند خطبتها إلى وجهها بلا تلذذ ولا شهوة ودون خلوة بها باتفاق العلماء وقد شُرع ذلك رعاية للحاجة ورجاء أن يؤدم بينهما إذا تزوجها ، وفي ذلك الكفاية لأن الوجه مجمع المحاسن وبه تندفع الحاجة ، وأجاز بعض الأئمة النظر إلى الكفين أيضاً وما يظهر من المرأة غالباً مما يدعو إلى نكاحها ، ويجوز للخاطب أن يرقبها أثناء سيرها في الطريق ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها كما روى أبو داود عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ، قال جابر : فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها " رواه أحمد ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خطب رجل امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً " رواه أبو داود .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

15 - 12 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر