الدرس الحادي والسبعون : النكاح 5

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 18 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 1956 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

من شروط صحة الزواج الولاية فلا يجوز للمرأة أن تتزوج بدون ولي ، فإن تزوجت بدون ولي فنكاحها باطل لما روى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا نكاح إلا بولي " ، ولما روى سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " رواه الشافعي وأحمد وأبو دواد .

وأولى الناس بولاية المرأة في الزواج أبوها ثم أبوه وإن علا ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل ثم أخوها لأبويها ثم أخوها لأبيها ثم الأقرب فالأقرب من العصبات على ترتيب الميراث ثم السلطان وينوب عنه الحاكم الشرعي ، أما الأمير وهو ما يسمى بالحاكم الإداري فإن نيابته عن ولي الأمر فيما هو من الأمور الإدارية وفي تنفيذ أحكام القضاء ، ومما ذكرنا يتضح أنه ليس للأمير ولاية على من لا ولي لها من النساء وإنما ولايتها إلى القاضي في حال عدم وجود ولي لها من أهلها ، وليس هناك بلد في بلادنا ليس لها قاض فإما أن يكون القاضي في البلد نفسه أو أن تكون البلد تابعة لغيرها في القضاء .

وعدم قيام الأب بالإنفاق على ابنته لا يسقط ولايته عليها ، وإذا كانت المرأة لا أب لها ولا جد ولها أخوين أخاً شقيقاً وأخاً لأب فإذا كان الأخ الشقيق أهلاً للولاية فإنه أحق بولايتها من أخيها لأب لكونه أقرب إليها منه .

عقد النكاح صحيح والأولاد ينسبون إلى أبيهم قطعاً إن كان عقدك لأختك بعد بلوغ خمسة عشر عاماً أو الاحتلام أو إنبات الشعر الخشن حول القبل ، فوجود واحدة من هذه العلامات كافية في البلوغ ، وإن كان لم يوجد شيء منها عند العقد فيُجدد العقد والأولاد ينسبون إلى أبيهم لوجود شبهة النكاح .

ولا يتولى عقد نكاح المرأة إلا مكلف رشيد فإن لم يكن فالقاضي لأن السلطان ولي من لا ولي له والقاضي هو نائبه في مثل هذا ، والتكليف يكون بإنزال المني عن شهوة سواء كان بالاحتلام أو غيره أو نبات الشعر الخشن حول القبل أو إكمال خمس عشرة سنة ، والرشيد هو الذي يحسن التصرف وذلك بأن يتحرى الكفء المناسب الذي يصلح لموليته .

إذا قالت امرأة أنها أرضعتك ونفت أمك ذلك فإذا كانت هذه المرأة عدلاً وجزمت بأنها أرضعتك خمس رضعات فأكثر في الحولين فهي أمك من الرضاعة وأولادها ذكوراً وإناثاً إخوة لك من الرضاعة ولا اعتبار لنفي أمك الرضاع لأن المثبت مقدم على النافي .

المرأة التي ليس لها ولي أو لها ولي ولكن يتعذر الاتصال به بأي وسيلة من وسائل الاتصال فإن السلطان هو الذي يزوجها والقاضي نائب عن السلطان في ذلك ، فإذا زوجها السلطان أو نائبه صح العقد .

الولاية للأخ من أبيها ، وليس لوالدتها ولاية في النكاح ، وأما الخال فليس ولياً إذا لم يكن عاصباً .

يجوز للمأذون الشرعي أن يعقد لنفسه على امرأة يتولى عقد المرأة وليها فيزوجه إياها مع استيفاء شروط النكاح الأخرى لأن له أن يتولى عقد زواجه ممن يريد الزواج بها وهو غير مأذون بالإجماع مادام مستوفياً لشروط الولاية وكونه مأذوناً له من قبل ولي الأمر في إبرام عقود النكاح لا يزيده إلا قوة وصلاحية .

يجوز للرجل الذي يكون ولياً لامرأة أي : هو ابن عمها مثلاً أن يملك الإيجاب والقبول وليس لها أن توكل أحداً يتولى ذلك من العصبة وله أن يوكل غيره فيوجب له العقد وهو يتولى القبول .

ولا يجوز لمن التقط بنتاً صغيرة وأرضعتها زوجته أن يتولى عقد نكاحها لأنه ليس من أوليائها ، وإنما وليها في هذه الحالة السلطان أو من ينيبه ، فمن فعل ذلك فعليه أن يجدد العقد عند الحاكم ، فلا يجوز للملتقط أن ينسب اللقيط أو اللقيطة إليه لقوله تعالى " ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ " الأحزاب 5 ، وعلى الملتقط إلغاء اللقيط من حفيظة نفوسه وفي الإمكان نسبتها إلى اسم معبد لله كعبد الله ونحوه .

وإذا كانت البنت كافرة وأبوها مسلم فلا ولاية له عليها لأن من شروط صحة النكاح اتفاق الدين بين الولي وموليته فلا يزوج كافر مسلمة ولا مسلم كافرة .

وشهادة المسلم على عقود الكفار فيها تفصيل : إن كانت عقودهم باطلة كعقود الربا والزواج من المحارم أو المحرمات فلا يجوز للمسلم أن يشهد على هذه العقود ، وإن كانت عقوداً صحيحة فلا بأس أن يشهد عليها من عقود النكاح وغيرها .

النوادي التي تعد حفلات الزواج غير الإسلامي إذا كان فيها محرمات من خمور واختلاط أو غيرها فحضور المسلم للشهادة على عقودهم مع وجود هذه المحرمات لا يجوز إلا إذا كان يقدر على إزالة المحرم .

يجوز للوالد أن يزوج ابنه الذي لم يبلغ الحلم ويتولى الأب نفسه عقد النكاح نيابة عن ابنه ، وإذا كان قد بلغ الولد الحلم تولاه بنفسه أو أقام وكيلاً عنه في قبول النكاح له سواء كان أباه أو غيره .

وزواج المسلم بالكتابية لا يصح إلا بشهادة مسلمين عدلين في أصح أقوال أهل العلم وإلا يجب إعادة العقد .

والأصل في المسلم العدالة والمحافظة على الصلاة فإذا كنت لا تعلم عنه شيئاً فالأصل أنه يصلي وإن علمت أنه لا يصلي وهي تصلي أو العكس فلا تشهد على عقد النكاح لأنه باطل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لا أشهد على جور " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " .

ويصح عقد النكاح بشاهدين عدلين من أقارب الزوجين إذا لم يكونا من عمودي نسب المشهود له أي : آبائه وأجداده أو أبنائه وأبناء أولاده لعدم التهمة في حقهم ، فتقبل شهادة الأخ لأخيه ولا تقبل شهادة الولد لوالده ولا شهادة الوالد لولده .

وينبغي لولي المرأة أن يختار لموليته الأصلح ديناً وخلقاً وأمانة لدلالة الأدلة الشرعية على ذلك .

يشرع مساعدة الأب لابنه في الزواج لأن الخير يأتي بالخير .

يجوز لك أن تتزوج الكتابية المحصنة عسى الله أن يهديها ويحقق لك ما تصبو إليه من تحصين فرجك والتسبب في هدايتها .

لا يحل العمل في البنوك التي تتعامل بالربا لأن في هذا عوناً لها على الإثم والعدوان وقد قال تعالى " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلبِرِّ وَٱلتَّقوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثمِ وَٱلعُدۡوَٰنِۚ " المائدة 2 ، والكسب الحاصل عن ذلك كسب خبيث ، ومن الأمانة الشرعية المناطة بك نحو موليتك تزويجها ممن ترضى أنت دينه وأمانته ومنعها ممن لا ترضى فيه ذلك ، وهذا ردٌ على سائل يسأل بأنه تقدم لابنته رجل يعمل في البنك الأهلي التجاري .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

18 - 1 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر