الدرس الرابع والسبعون : النكاح 8

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 21 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 1780 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

إذا زوَّج الرجل موليته لرجل على أن يزوجه الآخر موليته فهذا هو نكاح الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الذي يسميه بعض الناس نكاح البدل ، وهو نكاح فاسد سواء سُمي فيه مهر أم لا وسواء حصل التراضي أم لا .

أما إن خطب هذا مولية هذا وخطب الآخر موليته من دون مشارطة وتم النكاح بينهما برضى المرأتين مع وجود بقية شروط النكاح فلا خلاف في ذلك ولا يكون حينئذ من نكاح الشغار .

مسألة : لقد زوجني والدي بأختي كبدل وبعدما اتضح لنا أنه حرام طلقت زوجتي وطلق متزوج أختي كذلك ، وبعد ذلك تزوجت أختي رجلاً آخر فهل يجوز لي أن أرجع زوجتي التي ترفض الزواج من غيري ؟
والجواب : يجوز لك الزواج بزوجتك السابقة بمهر جديد وعقد نكاح جديد كأي امرأة أخرى تتقدم للزواج منها .

مسألة : ما قولكم عن رجل طلق زوجته وأخذت زوجاً غيره ودخل بها وطلقها بعد ذلك دون جماع حسب قولها ، هل تصح لزوجها السابق أم لا ؟
والجواب : إذا كان الطلاق الأول ثلاثاً فإنها لا تحل لزوجها الأول حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ويطؤها لقوله تعالى " فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيرَهُۥۗ " البقرة 230 ، وجاء تفسير النكاح هنا بأنه الوطء ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " جاءت امرأة رفاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي ، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " رواه البخاري ومسلم ، فإذا تزوج الرجل المرأة بشرط التحليل أو نواه أو اتفقا عليه فالعقد باطل والنكاح غير صحيح ، فقد خرَّج الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن المحلل والمحلل له " ، وقال الترمذي : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال : هو حديث حسن ، وفيهما أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له " وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .

ونكاح المتعة محرم وباطل لو وقع لما روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر " ، وفي رواية " نهى عن متعة النساء يوم خيبر " رواه البخاري ومسلم .

قال الخطابي رحمه الله : تحريم المتعة بالإجماع إلا عن بعض الشيعة ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى علي فقد صح عن علي أنها نُسخت ، ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سُئل عن المتعة فقال : هي الزنا بعينه ، ولما روى مسلم في صحيحه عن سيرة بن معبد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إني قد كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة ، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً " رواه مسلم .

والزواج المؤقت هو نكاح المتعة وهو نكاح باطل بإجماع أهل السنة والجماعة لأنه منسوخ بما ثبت في الأحاديث الصحيحة من النهي عنه ، وما كان كذلك فهو نكاح باطل والوطء به يعتبر زنا تترتب عليه أحكام الزنا في حق من فعله وهو عالم ببطلانه .

والزواج الصحيح أن يتزوج بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها فإن صلحت له الزوجة وناسبت له وإلا طلقها قال تعالى " فَإِمسَاكُۢ بِمَعرُوفٍ أَوۡ تَسرِيحُۢ بِإِحسَٰنٖۗ " البقرة 229 ، ومن عقد على امرأة من بلد كافر من أجل الحصول على الجنسية عقداً صورياً فلا يجوز هذا العقد لأنه كذب وخداع ولا يجوز أخذ جنسية كافرة ، وقد صدرنا فتوى بحكم التجنس بجنسية كافرة مضمونها لا يجوز لمسلم أن يتجنس بجنسية بلاد حكومتها كافرة لأن ذلك وسيلة إلى موالاتهم والموافقة على ما هم عليه من الباطل .

والزواج بنية الطلاق زواج مؤقت ، والزواج المؤقت زواج باطل لأنه متعة ، والمتعة محرمة بالإجماع والزواج الصحيح أن يتزوج بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها ، فإن صلحت له الزوجة وناسبت له وإلا طلقها .

مسألة : مسلمة تعرضت لحادثة في الصغر فُقد منها غشاء البكارة والآن يتقدم خاطبون فهل تخبر من يتقدم لها أم لا ؟

والجواب : لا مانع شرعاً من الكتمان ثم إذا سألها بعد الدخول أخبرته بالحقيقة .

مسألة : هناك قوم يسألون الزوج في الصباح بعد زفاف زوجته من ليل عن بكارة زوجته " العروسة " بقولهم : هل وجدت بكارة زوجتك تماماً أو وجدتها قد زالت ؟ فهل يجوز للزوج أن يجيب على هذا السؤال حتى لو كان السائل أحد أبويه أو أحد أبويها ؟
والجواب : لا يجوز أن يسأل عن ذلك ، ولا أن يجيب عنه بل يسد هذا الباب محافظة على ستر عورات المسلمين .

أقل مدة الحمل ستة أشهر قال تعالى " وَوَصَّينَا ٱلإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيهِ إِحسَٰنًاۖ حَمَلَتهُ أُمُّهُۥ كُرۡهاً وَوَضَعَتهُ كُرۡهاًۖ وَحَملُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهرًاۚ " الأحقاف 15 ، وقال تعالى " وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَينِ " لقمان 14 ، والعامان أربعة وعشرون شهراً فيبقى من الثلاثين ستة أشهر وهي أقل مدة الحمل وعليه يكون المولود ابناً لك .

مسألة : ما حكم الإسلام في رجل علم قبل الزواج أنه لا أمل له في الإنجاب وذلك بالكشف الطبي والتحليل ؟ فماذا يفعل قبل أن يتزوج ؟
والجواب : أولاً : ينبغي لذلك الشخص أن يتزوج ما دام قادراً على المهر والنفقات وقضاء وطره من الزوجة عملاً بالسنة وإعفافاً لفرجه والتعاون على شؤون الحياة وتحقيقاً للروابط بينه وبين من يصاهرهم إلى غير ذلك من حكم مشروعية النكاح .

ثانياً : قد يكون ما بُني على الكشف الطبي والتحليل من الحكم بعدم الإنجاب خطأ ، وعلى تقدير أنه صواب فقد تكون الموانع من الإنجاب لعلل تزول بالعلاج ونحوه من الأسباب الكونية وقد تزول بمحض القضاء والقدر وليس ذلك على الله بعزيز فقد أصلح الله تعالى زوجة زكريا فأنجبت له يحيى عليهما الصلاة والسلام استجابة لدعائه وإكراماً له ، وقد أنجبت سارة إسحاق لإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام مع كبر سنهما وطول الأمد على امرأته عقيماً .

ثالثاً : على المسلم أن يأخذ بالأسباب الكونية المادية وبالأسباب المعنوية كالدعاء واللجوء إلى الله ولا ييأس من روح الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون وعليه أن يخبرهم بالواقع قبل العقد لأن ما ذكر عيب .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

21 - 1 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر