الدرس السادس والسبعون : النكاح 10

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 22 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 2317 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

يجوز أن يكون الصداق كله مقدماً أو كله مؤخراً أو بعضه مقدماً وبعضه مؤخراً ، وما كان منه مؤجلاً يجب سداده عند أجله وما لم يُحدد له أجل يجب عليه سداده إذا طلق ويسدد من تركته إذا مات ، فما سُمي للزوجة من المهر يجب للزوجة كله بالدخول أو بالوفاة .

ويجب لها نصفه إن طُلقت قبل الدخول ، وفي الحالتين يكون ما وجب لها دَيْنَاً في ذمة الزوج يجب تسديده إلا إذا طابت نفسها به كله أو بعضه فيسقط ، قال الله تعالى " وَإِن طَلَّقتُمُوهُنَّ مِن قَبلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصفُ مَا فَرَضتُمۡ إِلَّآ أَن يَعفُونَ أَوۡ يَعفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن تَعفُوٓاْ أَقرَبُ لِلتَّقوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلفَضلَ بَينَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٌ " البقرة 237 ، وقال تعالى " وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحلَةٗۚ فَإِن طِبنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٖ مِّنهُ نَفساً فَكُلُوهُ هَنِيٓ‍ٔاً مَّرِيٓ‍ٔاً " النساء 4 .

يجب تسديد المتأخر من الصداق عند طلب الزوجة إلا إذا كان مؤجلاً بأجل معلوم فعند حلول الأجل إذا طلبته الزوجة وإلا سُدِّد لها عند الطلاق أو لورثتها عند وفاتها ، ويجوز للزوجة استلام مؤخر الصداق معجلاً عن وقته إذا دفعه لها زوجها بطيب نفس منه .

وإذا كان بعض المهر مسروق فعقد النكاح صحيح ، ويجب على من سرق المال أو غصبه مثلاً رد بدله إلى من سرق منه أو ورثته مع التوبة النصوح والاستغفار عسى أن يتوب الله عليه .

وللأب أن يأخذ من مالها ومن صداقها ما لا يضرها بشرط ألا يعطيه غيرها من أولاده ، فالأصل في المهر المدفوع للمرأة مقابل بضعها أن يكون ملكاً لها ولا يجوز لوليها أن يشترط لنفسه شيئاً ولا أن يأخذ من مهرها شيئاً إلا برضاها ما عدا أباها فله أن يأخذ من مهرها ما لا يضرها أخذه لقوله عليه الصلاة والسلام : " إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم " .

يجوز للوالد أن يزوج ابنته بألف ريال ، ويجوز له أن يأخذ من مهرها أو من مال لها ما شاء لقوله صلى الله عليه وسلم : " أنت ومالك لأبيك " غير أن الأولى ألا يأخذ إلا ما يحتاجه ، ولا ينبغي المغالاة في المهور لأن ذلك يعسر الزواج ويشق على الناس .

لا يلزم من تزوج بامرأة أن يعطي زوجته الأولى مثلما يعطي الثانية من مهر أو حلي تابع للمهر عرفاً ، وإن أعطاها ذلك تطييباً وجبراً لخاطرها فحسن ولاسيما إذا كانت مصلحته في إرضائها ومعاشرتها له مستقبلاً بالحسنى .

العقيقة ما يذبح من أجل المولود شكراً لله على عطائه ، والوليمة ما يقدم من الطعام في الزواج للمدعوين من ذبيحة أو غيرها مما تيسر من الطعام وهي سنة شكراً لله ، ومن فوائدها إعلان الفرح والنكاح وتطلق على ما يدعى إليه من الطعام وإن كان لغير عرس .

والوليمة سنة مرغب فيها شرعاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما تزوج : " أولم ولو بشاة " ، ويتفاوت قدرها تبع اليسار ومقتضى الحال ولا حد لأقلها لما ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أولم على أحد من نسائه ما أولم على زينب بنت جحش ، أولم بشاة " رواه البخاري ، وما ثبت عن صفية بنت شيبة رضي الله عنها قالت " أولم النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض نسائه بمدين من شعير " رواه البخاري ، والمراد بها أم سلمة رضي الله عنها ، لما رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح ، ولا حد لأكثرها أيضاً ولكن يجب على المسلم الاعتدال ومراعاة حاله غناً وفقراً وحال من يدعوهم كثرة وقلة ولا يسرف في الطعام ولا في الأنوار ونحو ذلك فإن الإسراف حرام بل من الكبائر لقوله تعالى " يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشرَبُواْ وَلَا تُسرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلمُسرِفِينَ " الأعراف 31 .

وتشرع الوليمة في الزواج ويدعى إليها الفقراء والأغنياء من الأقارب وغيرهم ، وإذا زادوا احتفالاً بعد ذلك لسبب انتقالها من بيت الزوج إلى بيت أهلها أو بعض الأقارب مثلاً للزيارة فلا بأس .

ولا يجوز الإسراف في ولائم الزواج ولا يجوز المجيء بمغنيات لإقامة حفلة الزواج ولا يجوز الاستماع للأغاني .

فالوليمة في العرس مشروعة وتكون بذبيحة أو أكثر لمن قدر على ذلك حسب الظروف وإن لم يتيسر ذلك أجزأه ما تيسر من الطعام .

إذا كان حفل الزواج يشتمل على محرم مثل اختلاط الرجال بالنساء أو المعازف ونحو ذلك فلا يجوز لك تمكين أهلك من الحضور ، وليس ضرب النساء بالدف في العرس من المعازف المنهي عنها إذا لم يكن معهن رجال .

إجابة المسلمة دعوة أختها في الإسلام لطعام وليمة عرس واجبة تأثم بالإعراض عنها إذا أذن لها زوجها بالخروج ولم يكن بالوليمة منكر أو بها منكر يمكنها تغييره ، وإلا فلا تجب ولا إثم عليها في عدم الإجابة ، وإجابة الدعوة وعيادة المريض ليس خاصاً بالرجال .

حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم نكاح السر وأمر بإعلان النكاح .

روى الترمذي والنسائي وغيرهما عن محمد بن حاطب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح " ، وروى البخاري وغيره عن خالد بن ذكوان عن الرٌبيِع بنت معوذ قالت " دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم غداة بُني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن يوم بدر حتى قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين " ، وبهذا يُعلم أنه يجوز ضرب الدف من النساء لإعلان النكاح ولكن لابد أن يكون خالياً من المفاسد كاختلاط النساء بالرجال وكالأغاني المحرمة كما لا يجوز أن يطلب فناناً شعبياً ولا فنانة في الزواج

مسألة : هل في اجتماع 30 أو 50 نفراً لعقد النكاح بأس ؟
والجواب : لا حرج في اجتماع العدد المذكور أو أقل أو أكثر لما في ذلك من إعلان النكاح المأمور به شرعاً لما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أعلنوا النكاح " ، والواجب من ذلك حضور عدلين مع الولي والزوج ليشهدا على إجراء عقد النكاح ، وإعلان النكاح مطلوب شرعاً ، والزغاريد في حكم الغناء .

ظهور الزوج على المنصة بجوار زوجته أمام النساء الأجنبيات عنه اللاتي حضرن حفلة الزواج وهو يشاهدهن وهن يشاهدنه وكل متجمل أتم تجميل وفي أتم زينة لا يجوز ، بل هو منكر يجب إنكاره والقضاء عليه من ولي الأمر الخاص للزوجين وأولياء أمور النساء اللاتي حضرن حفل الزواج فكل يأخذ على يد من جعله الله تحت ولايته ، ويجب إنكاره من ولي الأمر العام من حكام وعلماء وهيئات الأمر بالمعروف كلٌ بحسب حاله من نفوذ أو إرشاد ، وكذلك استعمال الطبول وسائر المحرمات التي تُرتكب في مثل هذا الحفل .

المشروع في إعلان الزواج الاجتماع للسلام والتعارف والتآلف ، وإعداد الزوج وليمة للعرس ، ويُشرع في حق النساء الضرب بالدف إعلاناً للنكاح ، أما إحضار المزلف لا يجوز والمبلغ الذي يُدفع إليه حرام ولا يجوز دفعه ولا أخذه .

والرجال لا يجوز لهم ضرب الدفوف والغناء ، وإنما ضرب النساء بالدف وبغنائهن غناء غير ماجن ، وإطلاق النار في النكاح ليس من الإعلان الشرعي وفيه من المخاطر ما يقتضي منعه ، واستماع شريط غنائي معه الموسيقى والطبل وغيره من آلات اللهو ثم ترقص النساء عنده كل هذا منكر لا يجوز سواء كان في النكاح أو غيره .

أما ما كان من الحبشة فهي عرضة حربية فيها تدريب على أعمال الحرب وتمرين على استعمال أسلحته ، وكان ذلك منهم يوم عيد دون أن يشغلهم عن أداء فريضة .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

22 - 1 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر