الدرس الثلاثون: مبطلات الصلاة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ذو القعدة 1434هـ | عدد الزيارات: 2355 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

تبطل الصلاة بالقهقهة ، ولا تبطل بمجرد الابتسام ، والضحك في الصلاة لا يجوز .

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه رفع يديه بعد السلام من الفريضة في الدعاء ، ورفعهما بعد السلام من صلاة الفريضة مخالف للسنة .

الأفضل أن يكون التسبيح باليد اليمين لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيمينه ، ولعموم حديث عائشة رضي الله عنها " كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله "، ويجوز ذلك باليدين جميعاً لأحاديث وردت في ذلك .

تُسن قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وتكون القراءة سراً ، ويكون بعد الانتهاء من الذكر بعد السلام ، والأصل في ذلك ما رواه النسائي وصححه ابن حبان عن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي الأنصاري الخزرجي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت " .

صفة الثناء على الله تكون بالإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وكثرة الدعاء والاستغفار ، ويجوز للشخص أن يدعو الله جل وعلا باللغة التي يعرفها من لغة عربية أو إنجليزية أو أوردية أو غيرها من اللغات لقوله تعالى " لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفسًا إِلَّا وُسعَهَاۚ " البقرة 286 ، وقوله سبحانه " فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱستَطَعتُمۡ " التغابن 16 .

رفع الصوت بالدعاء وقراءة القرآن بصفة جماعية ، هذا لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته وفعله بدعة ، أما إذا دعا الإنسان لنفسه أو قرأ لنفسه جهراً فلا شيء فيه إذا لم يتأذ به غيره ، وهكذا الدعاء الذي يؤمن عليه كدعاء القنوت ، والأصل في العبادات التوقيف ، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بما لم يشرعه الله ، لقوله سبحانه " أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ " الشورى 21 ، والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل العبادات ، وقد أمر الله تعالى بها بقوله " إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيهِ وَسَلِّمُواْ تَسلِيمًا " الأحزاب 56 ، وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلم عليها وبيَّن مضاعفة أجرها فقال : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ، وتشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد في جميع الصلوات ، سواء كانت فرضاً أو نفلاً ، وهكذا تُشرع أمام الدعاء بعد حمد الله والثناء عليه في كل وقت ، وهي من أسباب الإجابة ، لما ثبت من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجل هذا ثم دعاه ، فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء " .

سلام المأمومين على الإمام بعد الفراغ من الصلاة لا نعلم أنه ورد فيه شيء خاص به .

سجود السهو واجب على الإمام وغيره إذا سهى في صلاته في ترك واجب أو فعل محظور لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله وأمر به ، فسجود السهو واجب في كل سهو يبطل عمده الصلاة ، ومحله قبل السلام ، إلا ما كان عن نقص ركعة فأكثر فهو بعد السلام أو بنى فيه المصلي على غالب الظن ، لحديث أبي هريرة وعمران بن حصين الدالين على ذلك في قصة ذي اليدين ، وبهذا يُعلم أن هذا الإمام الذي زاد في صلاته ولم يعلم إلا بعد التسليم أنه يرجع ويسجد للسهو ثم يسلم ، وإذا كان عن نقص ركعة فأكثر أتى به ثم سلَّم ثم سجد للسهو ثم سلَّم ، وأما المأموم فإن أمكنه سجوده مع إمامه قبل أن يقوم لقضاء ما عليه فعل ذلك ، أما إن قام لإكمال صلاته قبل سجود إمامه للسهو فقد انفصل عن الإمام بذلك فلا يسجد مع الإمام حين سجوده للسهو ، ويسجد للسهو بعد قضائه ما عليه .

وإذا تيقن الإمام صواب نفسه فليس عليه سجود سهو ولا يجوز له الرجوع إلى قول من سبَّح به لاعتقاده خطأهم ، وأما المأموم الذي تيقن أن الإمام زاد ركعة مثلاً فلا يجوز له أن يتابعه عليها ، وإذا تابعه عالِماً بالزيادة ، وعالِماً بأنه لا تجوز المتابعة بطلت صلاته .

إذا أتيت إلى الصلاة والإمام قد صلَّى واحدة ثم صلَّى الإمام أربع فهذه الزائدة غير معتبرة وعليك أن تقوم وتأتي بركعة .

يجب على من ترك السجدة الأخيرة من الصلاة أن يأتي بها بعد السلام إذا لم يطل الفصل ، ثم يتشهد ويسجد للسهو ، وإن طال الفصل وجب إعادة الصلاة التي ترك فيها سجدة .

الشك بعد الانتهاء من الطواف والسعي والصلاة لا يُلتفت إليه لأن الظاهر سلامة العبادة .

يسجد المأموم المسبوق مع الإمام إذا سجد للسهو قبل السلام ، أما إذا سجد الإمام بعد السلام فإن المأموم المسبوق يسجد للسهو بعد قضاء ما عليه من الركعة أو الركعات قبل السلام أو بعده .

إذا سهى المأموم في قضاء ما فاته أو شكَّ في الصلاة فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ويكمل صلاته ثم يسجد للسهو .

يشرع للمصلي إذا كان إماماً أو منفرداً ومرَّ بآية سجدة أن يكبر ويسجد سجود التلاوة ، ثم يكبر عندما ينهض من السجدة لأن التكبير يكون في كل خفض ورفع ، أما إن كان القارئ خارج الصلاة ومرَّ بالسجدة فإنه يُشرع له أن يكبر ويسجد ، ولا يشرع له بعد ذلك تكبير ولا سلام لعدم ورود الدليل على ذلك .

يجوز أن تصلي صلاة الوتر بعد أن تجمع صلاة المغرب والعشاء جمع تقديم ، عند وجود مسوغ للجمع ، من مرض أو مطر أو سفر ، لا مجرد البرودة ، لما روى الإمام أحمد عن خارجة بن حذافة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حُمر النعم ، قلنا : ما هي يا رسول الله ؟ قال : الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر " رواه الخمسة إلا النسائي .

ومن كان يخشى أن يغلبه النوم فلا يؤخر الوتر إلى آخر الليل ، بل المشروع له أن يقدمه في أول الليل ، ولا يعيده إذا صلى من آخر الليل ، وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على صلاة الليل في الحضر والسفر ، والوتر سنة مؤكدة ، وأقله ركعة ، ولا حد لأكثره ، وكان صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة ، والصحيح أن الأفضل أن يكون دعاء القنوت في الوتر بعد الركوع لا قبله لكثرة الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك ، ويدعو المصلي في القنوت بما ورد من الأدعية وبغير ما ورد ، مما يحتاجه في دينه ودنياه .

والتراويح سنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفعل الصحابة لها مشهور ، وتلقته الأمة عنهم خلفاً بعد سلف وأول من جمعهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل عمر رضي الله عنه ، وهو خليفة راشد ، ولا ينكر التراويح إلا أهل البدع من الرافضة ، وقد دلَّت الأدلة على أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ، فصلاة التراويح إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة يشرع للرجل ذلك ، وصلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد ، سواء كانت فريضة أم نافلة تراويح أم غيرها .

الأفضل في صلاة التهجد في الليل الجهر في القراءة ، وإذا أراد المسلم أن يتنفل بعد الفريضة فلا حرج عليه أن يصلي في مكانه أو ينتقل إلى غيره من المسجد ، وإن صلاها في البيت فهو أفضل .

وتُسن صلاة ركعتين بين كل أذان وإقامة ، لما ثبت في الحديث : " بين كل أذانين صلاة ، ثم قال في الثالثة : لمن شاء " ، وإذا صلى الداخل للمسجد الراتبة وقت صلاة الظهر والفجر كفَّت عن تحية المسجد .

تجوز صلاة النافلة جالساً ويكون الأجر على النصف من صلاتها قائماً إذا كان قادراً على القيام ، أما العاجز من مرض ونحوه فأجره كامل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً " رواه البخاري ، وجاء في صحيح مسلم من حديث طويل قوله صلى الله عليه وسلم : " فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " ، وحديث : " خير صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة " ، وإذا أقيمت الصلاة فلا يجوز الدخول في نافلة ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم وإذا دخل الرجل المسجد في وقت النهي فلا يجلس حتى يصلي تحية المسجد ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " ، وتجزئ صلاة ركعتي الفجر عن نفسها وعن تحية المسجد ، وهذا هو الأفضل ، ولو صلى تحية المسجد أولاً ثم ركعتي الفجر فلا بأس .

إذا نام المسلم عن صلاة الفجر أو نسيها حتى طلعت الشمس شُرع له أن يصلي سنة الصبح قبلها ، وإذا دخل المسجد لصلاة الصبح نوى بركعتي الفجر سنة الفجر وتحية المسجد .

لا تُشرع صلاة النافلة الراتبة للمسافر إلا ركعتي الفجر ، لما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر " أخرجه البخاري ، وقال تعالى " لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٞ " الأحزاب 21 ، وفي رواية يزيد بن زريع قال حفص بن عاصم : مرضت فجاء ابن عمر يعودني فسألته عن السبحة في السفر فقال : " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيته يسبح ولو كنت مسبحاً لأتممت " رواه البخاري ، وللبخاري عن حفص بن عاصم أنه سمع ابن عمر يقول : " صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك " رواه البخاري .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

4 - 11 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر