الدرس الرابع والثمانون : الطلاق 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 24 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 2109 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

إذا قال لزوجته حرام مثلك أن تكون زوجة للرجال فهذه المقولة منكر من القول وعليه التوبة إلى الله من ذلك ولا كفارة عليه .

لا يجوز لك أن تشرب الشيشة لخبثها ولما فيها من أضرار صحية واجتماعية واقتصادية والأدلة وردت في ذلك .

وقولك الله يحرم علي عيالي أي زوجتي إذا شربتها ثم شربتها عليك كفارة يمين عن تحريمك أهلك إن شربتها وعن قسمك بالله ألا تشربها لأن مثل هذا التحريم في حكم اليمين وكفارتها : إطعام عشرة مساكين لكل مسكين منهم نصف صاع من قوت البلد من أرز أو غيره ونوصيك بالحذر من العود إلى شربها ومن طاعة النفس والشيطان وجلساء السوء هداك الله لرشدك وكفاك شر نفسك والشيطان .

إذا لم تقصد بقولك لزوجتك علي الطلاق أن تقومي معي ولم تقم : إيقاع الطلاق بها بهذا القول إذا لم تستجب لك وإنما أردت حثها على الذهاب معك فإنه لا يقع به طلاق ويلزمك كفارة يمين لأن مثله في حكم اليمين في أصح قولي العلماء ، وإن كنت أردت به إيقاع الطلاق إذا هي لم تستجب لك وقع به عليها طلقة واحدة .

وعليك بقولك حرام علي زوجتي أن أرد السوء بالسوء كفارة يمين ما دامت لم تنفذ ما قلت مع التوبة إلى الله من ذلك لأنه لا يجوز لمسلم أن يحرم ما أحل الله له .

وإذا قال الرجل تحرم علي زوجتي لا أكلم فلاناً ، فإذا كان قاصداً بتحريمها عليه الطلاق إن كلم فلاناً اعتبرت طلقة إذا كلمه وله أن يرجعها ما دامت في العدة بشهادة عدلين إذا لم يكن ذلك ثالث ثلاث طلقات ، وإن كان قاصداً منع نفسه من الكلام معه فقط لزمه كفارة يمين إذا كلمه .

الكتابة لها حكم التلفظ بالكلام والنطق به .

إذا قالت الزوجة لزوجها أنت علي حرام ما تحل لي بعد اليوم فعليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط طعامكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام .

اختلفت الروايات في المذهب عن الإمام أحمد فيمن فعل ناسياً ما حلف بالطلاق ألا يفعله ، وأقوى الروايات دليلاً عدم حنثه بما فعله ناسياً وأن يمينه باقية ، وهذا قول عطاء وعمرو بن دينار وابن أبي نجيح وإسحاق وابن المنذر وهو ظاهر مذهب الشافعي وقدمه في الخلاصة ، قال في الفروع : وهذا أظهر قال في الإنصاف وهو الصواب ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، لقوله تعالى " وَلَيسَ عَلَيكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ " الأحزاب 5 ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ، ولأنه غير قاصد للمخالفة فلم يحنث كالنائم والمجنون ، وعليه فلا يترتب على السائل والحال ما ذُكر من النسيان منه ومن زوجته حنث ولا تزال يمينه باقية ، ونص السؤال أنه حلف على زوجته بالطلاق ألا يذهب بطفله إلى الطبيب فنسى ونسيت وذهب به إلى الطبيب .

مسألة : رجل حرَّم أهله على نفسه مرتين أن أخته لا تتزوج فلاناً ؟

والجواب : هذا الرجل من أجل جهله بدينه واستقامته ثم تبيَّن أنه مستقيم فإنه لا يحنث في تحريمه ولا في طلاقه بتزويج أخته ذلك الشخص حيث إن الداعي إلى المنع من تزويجه ظنه أولاً أنه غير متدين ثم علم حاله من الثقات عنه وتبين له تدينه وأصالته واستقامته ورضي بتزويجه إياها والحلف بالطلاق ليس من الأيمان المشروعة .

إذا قال الرجل لزوجته أنت طالق طالق طالق فهي طالق ثلاثاً لا تحل له إلا بعد زوج ، وإن قصد بتكرار الطلاق توكيد المرة الأولى بالثانية والثالثة أو إفهامها فهي مطلقة طلقة واحدة .

مسألة : قال لزوجته ثلاث مرات تراك مسامحة ؟

والجواب : هذا اللفظ كناية من كنايات الطلاق إن أُريد به الطلاق فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها وتخرج من العدة ولا يكون ذلك حيلة .

قال لزوجته مطلقة ثم مطلقة ثم مطلقة فالمذهب والذي عليه الفتوى أن امرأته تبين منه بذلك بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، وما ذكره المستفتي من أنه يقصد بالتكرار إسماعها لا أنه يقصد العدد مردود بكون صفة الطلاق المكرر جاءت على سبيل الترتيب الذي يحتمل التوكيد ، وإن كانت هذه الزوجة لم يدخل بها السائل فإنه لا يقع عليها إلا الطلقة الأولى ولا عدة لها فتحل له بعقد ومهر جديدين إذا رضيت به زوجاً لها .

وإذا قال لزوجته أنت طالق ولا يدري هل قال هذا اللفظ مرة أو أكثر فإذا لم يوجد من تقوم بشهادته البينة على عدد الطلاق فيعتبر هذا الطلاق واحدة لأنه هو المتحقق باعتراف المطلق وما عداه فمشكوك فيه لا يعارض بالأصل وهو عدمه .

وإذا قال لزوجته إنك طالق طالق طالق وإن نيته للتهديد والتوكيد فأما الطلقة الأولى فتعتبر واحدة ، وأما الثانية والثالثة فحيث أراد التهديد والتوكيد كما ذكر السائل فهذا أمر لا يُعلم إلا من قِبَله وأمره بينه وبين الله عز وجل وبناء على ذلك تكون الثانية والثالثة تأكيداً للأولى فيكون الواقع منه واحدة .

مسألة : رجل طلق امرأته ثلاثاً بلفظ واحد فهل تعد واحدة أو ثلاثاً ؟
والجواب : تعتبر طلقة واحدة على الصحيح من أقوال العلماء لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنهما طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر رضي الله عنه : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " رواه مسلم ، وقال الجمهور : يعتبر ثلاثاً كما أمضاه عمر ، وارجع في تفصيل الأقوال ودليل كل قول وبيان الراجح منها إلى كتاب ( زاد المعاد ) للعلامة ابن القيم .

مسألة : رجل جاءه مكاتيب مزيفة على أهله فظن صدقها فطلَّق زوجته لأجل ذلك ثم تبين له زيفها بعد ذلك ويسأل هل يقع طلاقه ؟
والجواب : إذا كان الأمر كما ذُكر بأن المطلق لم يطلق زوجته إلا بناءً على هذه المكاتيب التي كان يعتقد صحة ما فيها ثم تبين له أنها مزورة ومكذوبة فإن طلاقه والحال ما ذُكر لا يقع لأن الطلاق المذكور على الصفة المذكورة يعتبر من قبيل الطلاق المعلق على شرط لم يقع .

مسألة : رجل مسجون طلق زوجته في السجن بناءً على ما قيل عنها من أنها سبب فتنة قامت في بيتهم وبعد خروجه من السجن تحقق فوجد القول غير صحيح ؟

والجواب : إذا ثبت ذلك شرعاً فإن طلاق المستفتي غير واقع لكونه علَّقه بلسان الحال على صحة ما نُسب إليها وقد ثبت عدم صحة ذلك .

مسألة : رجل طلق زوجته بقوله مطلقة ثم مطلقة ثم مطلقة لما قيل له أنها أخته من الرضاع ؟

والجواب : بعد قراءة اللجنة للسؤال طلبت من السائل إحضار والدة زوجته للتأكد من صحة ما نسبه إليها وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء وجواب المرأة واتضح لها عدم الرضاع ، فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يقع هذا الطلاق بل لا تزال هذه الزوجة في عصمة زوجها لأنه طلَّق على أمر يظن حصوله فتبين أنه لم يحصل .

مسألة : تزوج امرأة ثم طلقها وتزوج بامرأة أخرى واشترط عليه أهلها إن رجع إلى زوجته الأولى فيعتبر رجوعه عليها طلاقاً لبنتهم ؟

والجواب : ما دام أن المستفتي التزم لأهل زوجته الثانية بالشرط المتضمن أنه إن رجع على زوجته الأولى فبنتهم طالق ، فإذا رجع على زوجته الأولى طُلِقت زوجته الثانية لقوله صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم " .

مسألة : ما حكم الشريعة في الذي يقول لزوجته إذا أتاك الحيض ثم طهرت فأنت طالق وفعلاً قصد الطلاق ولكن ظهر له بعد ذلك وقبل إبان الحيض أن يمسكها فهل يقع الطلاق ؟

والجواب : هذا طلاق معلق على شرط محض لا يُقصد به حث ولا منع فيقع الطلاق بوجود الشرط وهو الطهر بعد الحيض ورجوعه عن هذا التعليق بعد حصوله منه لا يصح .

إنك مخطئ في منع زوجتك من الحمل وإن تعليقك الطلاق على الحمل قد حنثت فيه ويقع الطلاق ولك مراجعتها قبل وضع الحمل ما لم يكن هذا الطلاق آخر ثلاث تطليقات .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

24 - 1 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر